المقدمة الثالثة : في
دليل وجوب الترجيح
. فإن قال قائل : لم رجحتم أحد الظنين وكل
[ ص: 376 ] ظن لو انفرد بنفسه لوجب اتباعه ؟ وهلا قضيتم بالتخيير أو التوقف قلنا : كان يجوز أن يرد التعبد بالتسوية بين الظنين وإن تفاوتا ، لكن الإجماع قد دل على خلافه على ما علم من السلف في تقديم بعض الأخبار على بعض لقوة الظن بسبب علم الرواة وكثرتهم وعدالتهم وعلو منصبهم ;
فلذلك قدموا خبر أزواجه عليه السلام على غيرهن من النساء وقدموا خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين على خبر من روى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31039لا ماء إلا من الماء } وخبر من روت من أزواجه أنه كان يصبح جنبا على ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس : أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35517من أصبح جنبا فلا صوم له } وكما قوى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي خبر
أبي بكر فلم يحلفه وحلف غيره وقوى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر خبر
المغيرة في ميراث الجدة لما روى معه
محمد بن مسلمة ، وقوى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر خبر
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري في الاستئذان بموافقة
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري في الرواية ، إلى غير ذلك مما يكثر تتبعه .
وكذلك إذا غلب على الظن كون الفرع أشبه بأحد الأصلين وجب اتباعه بالإجماع فقد فهم من أهل الإجماع أنهم تعبدوا بما هو عادة للناس في حراثتهم وتجارتهم وسلوكهم الطرق المخوفة ، فإنهم عند تعارض الأسباب المخوفة يرجحون ويميلون إلى الأقوى . فإن قيل : فلم لم ترجحوا في الشهادة بالكثرة وقوة غلبة الظن بل يقضى بالتعارض عند تناقض البينتين ؟ قلنا : لأن أهل الإجماع لم يرجحوا في الشهادة وقد رجحوا في الرواية ، وسببه أن باب الشهادة مبني على التعبد حتى لو أتى عشرة بلفظ الإخبار دون الشهادة لم تقبل ولا تقبل شهادة مائة امرأة ولا مائة عبد على باقة بقل . هذه هي المقدمات .