فصل [ ( 5 ) حكم
النظر إلى الحرة وإلى الأمة ]
وأما
تحريم النظر إلى العجوز الحرة الشوهاء القبيحة وإباحته إلى الأمة البارعة الجمال فكذب على الشارع ، فأين حرم الله هذا وأباح هذا ؟ والله سبحانه إنما قال : {
قل [ ص: 47 ] للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } لم يطلق الله ورسوله للأعين النظر إلى الإماء البارعات الجمال ، وإذا خشي الفتنة بالنظر إلى الأمة حرم عليه بلا ريب ، وإنما نشأت الشبهة أن الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب ، وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك ، لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال ، وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات ومجامع الناس وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن ؟ فهذا غلط محض على الشريعة ، وأكد هذا الغلط أن بعض الفقهاء ، سمع قولهم : إن الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها ، وعورة الأمة ما لا يظهر غالبا كالبطن والظهر والساق ; فظن أن ما يظهر غالبا حكمه حكم وجه الرجل ، وهذا إنما هو في الصلاة لا في النظر ، فإن العورة عورتان : عورة في النظر وعورة في الصلاة ، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين ، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك ، والله أعلم