فصل [
الحكمة في التفرقة بين الخيل والإبل في الزكاة ]
وأما قوله : " أوجب الزكاة في خمس من الإبل وأسقطها عن آلاف من الخيل " فلعمر الله إنه أوجب الزكاة في هذا الجنس دون هذا كما في سنن
أبي داود من حديث
عاصم بن ضمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26460قد عفوت عن الخيل والرقيق ، فهاتوا صدقة الرقة ; من كل أربعين درهما درهم ، وليس في تسعين ومائة شيء ، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم } ورواه
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عن
الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية : حدثني
أبو معاذ الأنصاري عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21619عفوت لكم عن صدقة الجبهة ، والكسعة والنخة } قال
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية : الجبهة : الخيل ، والكسعة : البغال والحمير ، والنخة : المربيات في البيوت ، وفي كتاب
عمرو بن حزم : " لا صدقة في الجبهة والكسعة ، والكسعة الحمير ، والجبهة : الخيل " .
وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33844ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة }
والفرق بين الخيل والإبل أن الخيل تراد لغير ما تراد له الإبل ; فإن الإبل تراد للدر والنسل والأكل وحمل الأثقال والمتاجر والانتقال عليها من بلد إلى بلد ، وأما الخيل فإنما خلقت للكر والفر والطلب والهرب ، وإقامة الدين ، وجهاد أعدائه .
وللشارع قصد أكيد في
[ ص: 69 ] اقتنائها وحفظها والقيام عليها ، وترغيب النفوس في ذلك بكل طريق ، ولذلك عفا عن أخذ الصدقة منها ; ليكون ذلك أرغب للنفوس فيما يحبه الله ورسوله من اقتنائها ورباطها ، وقد قال الله تعالى : {
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل } فرباط الخيل من جنس آلات السلاح والحرب ، فلو كان عند الرجل منها ما عساه أن يكون ولم يكن للتجارة لم يكن عليه فيه زكاة ، بخلاف ما أعد للنفقة ; فإن الرجل إذا ملك منه نصابا ففيه الزكاة ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بعينه في قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26460قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ، فهاتوا صدقة الرقة } أفلا تراه كيف فرق بين ما أعد للإنفاق وبين ما أعد لإعلاء كلمة الله ونصر دينه وجهاد أعدائه ؟ فهو من جنس السيوف والرماح والسهام ، وإسقاط الزكاة في هذا الجنس من محاسن الشريعة وكمالها .