[ سجدات المفصل والحج ]
المثال الثامن والستون : رد السنة الثابتة في إثبات
سجدات المفصل ، والسجدة الأخيرة من سورة الحج ، كما روى
أبو داود في السنن : حدثنا
محمد بن عبد الرحيم البرقي ثنا
سعيد بن أبي مريم أخبرنا
نافع بن يزيد عن
الحارث بن سعيد العتقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16467عبد الله بن منير {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1460عن nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن ، منها ثلاث في المفصل ، وفي سورة الحج سجدتان } .
تابعه
محمد بن إسماعيل السلمي عن
سعيد بن أبي مريم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
مشرح بن هاعان عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24280فضلت سورة الحج بسجدتين ، فمن لم يسجد فيهما فلا يقرأهما } .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة يحتج منه بما رواه عنه العبادلة
nindex.php?page=showalam&ids=16472كعبد الله بن وهب nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك [ ص: 294 ] وعبد الله بن يزيد المقري .
قال
أبو زرعة :
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة كان
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب يتبعان أصوله ، وقال
عمرو بن علي : من كتب عنه قبل احتراق كتبه مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك وابن المقري أصح ممن كتب عنه بعد احتراقها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة صادقا ، وقد انتقى
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي هذا الحديث من جملة حديثه ، وأخرجه ، واعتمده ، وقال : ما أخرجت من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة قط إلا حديثا واحدا أخبرناه
nindex.php?page=showalam&ids=17252هلال بن العلاء ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15264معافى بن سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17171موسى بن أعين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، فذكره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : حدثني الصادق البار والله
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : من كان مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه ؟ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : كان عند
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع . وقال
أبو داود : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يقول : ما كان محدث
مصر إلا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح الحافظ : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة صحيح الكتاب طالبا للعلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كان صالحا لكنه يدلس عن الضعفاء ، ثم احترقت كتبه ، وكان أصحابنا يقولون : سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك والمقري والقعنبي فسماعهم صحيح .
وقد صح عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21950 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم في : { إذا السماء انشقت } وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد في النجم } ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
فردت هذه السنن برأي فاسد وحديث ضعيف : أما الرأي فهو أن آخر الحج السجود فيها سجود الصلاة لاقترانه بالركوع ، بخلاف الأولى ; فإن السجود فيها مجرد عن ذكر الركوع ، ولهذا لم يكن قوله تعالى : {
يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } من مواضع السجدات بالاتفاق .
وأما الحديث الضعيف فما رواه
أبو داود : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع ثنا
أزهر بن القاسم ثنا
أبو قدامة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33059أن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة } .
فأما الرأي فيدل على فساده وجوه :
منها أنه مردود بالنص ، ومنها أن اقتران الركوع بالسجود في هذا الموضع لا يخرجه عن كونه موضع سجدة ، كما أن أقترانه بالعبادة التي هي أعم من الركوع لا يخرجه عن كونه سجدة ، وقد صح سجوده صلى الله عليه وسلم في النجم ، وقد قرن السجود فيها بالعبادة كما قرنه بالعبادة في سورة الحج ، والركوع لم يزده إلا تأكيدا ، ومنها أن أكثر السجدات المذكورة في القرآن متناولة لسجود الصلاة ; فإن قوله تعالى : {
ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها } يدخل فيه سجود المصلين قطعا ،
[ ص: 295 ] وكيف لا وهو أجل السجود وأفرضه ؟
وكيف لا يدخل هو في قوله : {
فاسجدوا لله واعبدوا } وفي قوله : {
كلا لا تطعه واسجد واقترب } وقد قال قبل : {
أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى } ثم قال : {
كلا لا تطعه واسجد واقترب } فأمره بأن يفعل هذا الذي نهاه عنه عدو الله ، فإرادة سجود الصلاة بآية السجدة لا تمنع كونها سجدة ، بل تؤكدها وتقويها .
يوضحه أن مواضع السجدات في القرآن نوعان : إخبار ، وأمر ; فالإخبار خبر من الله تعالى عن سجود مخلوقاته له عموما أو خصوصا ، فسن للتالي والسامع وجوبا أو استحبابا أن يتشبه بهم عند تلاوة آية السجدة أو سماعها ، وآيات الأوامر بطريق الأولى . وهذا لا فرق فيه بين أمر وأمر ، فكيف يكون الأمر بقوله : {
فاسجدوا لله واعبدوا } : مقتضيا للسجود دون الأمر بقوله : {
يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } فالساجد إما متشبه بمن أخبر عنه ، أو ممتثل لما أمر به ، وعلى التقديرين يسن له السجود في آخر الحج كما يسن له السجود في أولها ; فلما سوت السنة بينهما سوى القياس الصحيح والاعتبار الحق بينهما .
وهذا السجود شرعه الله ورسوله عبودية عند تلاوة هذه الآيات واستماعها ، وقربة إليه ، وخضوعا لعظمته ، وتذللا بين يديه ، واقتران الركوع ببعض آياته مما يؤكد ذلك ، ويقويه ، لا يضعفه ويوهيه ، والله المستعان .
وأما قوله تعالى : {
يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } فإنما لم يكن موضع سجدة لأنه خبر خاص عن قول الملائكة لامرأة بعينها أن تديم العبادة لربها بالقنوت وتصلي له بالركوع والسجود ; فهو خبر عن قول الملائكة لها ذلك ، وإعلام من الله تعالى لنا أن الملائكة قالت ذلك
لمريم .
فسياق ذلك غير سياق آيات السجدات
. وأما الحديث الضعيف فإنه من رواية
أبي قدامة - واسمه الحارث بن عبيد - قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه : هو مضطرب الحديث ، وقال
يحيى : ليس بشيء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي : ليس بالقوي ، وقال
الأزدي : ضعيف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : لا يحتج به إذا انفرد ،
قلت : وقد أنكر عليه هذا الحديث وهو موضع الإنكار ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه شهد سجوده صلى الله عليه وسلم في المفصل في : {
إذا السماء انشقت } و {
اقرأ باسم ربك الذي خلق } . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، وسجد معه ، حتى لو صح خبر
أبي قدامة هذا لوجب تقديم خبر
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عليه ; لأنه مثبت فمعه زيادة علم ، والله أعلم .