[ صفات الحاكم وما يشترط فيه ]
فالبينات والشهادات تظهر لعباده معلومة ، وبأمره وشرعه يحكم بين عباده ، والحكم إما إبداء وإما إنشاء ; فالإبداء إخبار وإثبات وهو شهادة ، والإنشاء أمر ونهي وتحليل وتحريم ، والحاكم فيه ثلاث صفات ; فمن جهة الإثبات هو شاهد ، ومن جهة الأمر والنهي هو مفت ، ومن جهة الإلزام بذلك هو ذو سلطان ، وأقل ما يشترط فيه صفات الشاهد باتفاق العلماء ; لأنه يجب عليه الحكم بالعدل ، وذلك يستلزم أن يكون عدلا في نفسه ;
nindex.php?page=showalam&ids=11990فأبو حنيفة لا يعتبر إلا العدالة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وطائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يعتبرون معها الاجتهاد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد يوجب تولية الأصلح فالأصلح من الموجودين ; وكل زمان بحسبه ، فيقدم الأدين العدل على الأعلم الفاجر ، وقضاة السنة على قضاة
الجهمية ، وإن كان الجهمي أفقه ، ولما سأله
nindex.php?page=showalam&ids=15156المتوكل عن القضاة أرسل إليه درجا مع وزيره يذكر فيه تولية أناس وعزل أناس ، وأمسك عن أناس ، وقال : لا أعرفهم ، وروجع في بعض من سمي لقلة عمله فقال : لو لم يولوه لولوا
[ ص: 83 ] فلانا ، وفي توليته مضرة على المسلمين ; وكذلك أمر أن يولي على الأموال الدين السني دون الداعي إلى التعطيل ; لأنه يضر الناس في دينهم .
وسئل عن رجلين : أحدهما أنكى في العدو مع شربه الخمر والآخر أدين ، فقال : يغزي مع الأنكى في العدو ; لأنه أنفع للمسلمين ; وبهذا مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يولي الأنفع للمسلمين على من هو أفضل منه ، كما ولى
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد من حين أسلم على حروبه لنكايته في العدو ، وقدمه على بعض السابقين من
المهاجرين والأنصار مثل
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف وسالم مولى
أبي حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، وهؤلاء ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ;
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد وكان ممن أنفق بعد الفتح وقاتل ، فإنه أسلم بعد صلح
الحديبية هو
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=5546وعثمان بن طلحة الحجبي ، ثم إنه فعل مع
بني جذيمة ما تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم منه حين رفع يديه إلى السماء .
وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14859اللهم إني أبرأ إليك مما صنع nindex.php?page=showalam&ids=22خالد } ومع هذا فلم يعزله ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر من أسبق السابقين وقال له {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43328يا nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ، ولا تولين مال يتيم } وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ; لأنه كان يقصد أخواله بني عذرة فعلم أنهم يطيعونه ما لا يطيعون غيره للقرابة ; وأيضا فلحسن سياسة
عمرو وخبرته وذكائه ودهائه فإنه كان من أدهى العرب ; ودهاة العرب أربعة هو أحدهم ، ثم أردفه
بأبي عبيدة وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16823تطاوعا ولا تختلفا } فلما تنازعا فيمن يصلي سلم
أبو عبيدة لعمرو ; فكان يصلي بالطائفتين وفيهم
أبو بكر ; وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد مكان أبيه لأنه مع كونه خليقا للإمارة - أحرص على طلب ثأر أبيه من غيره ، وقدم أباه
زيدا في الولاية على
جعفر بن عمه مع أنه مولى ، ولكنه من أسبق الناس إسلاما قبل
جعفر ، ولم يلتفت إلى طعن الناس في إمارة
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة وزيد وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11711إن تطعنوا في إمارة nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان خليقا للإمارة ومن أحب الناس إلي } وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=2467خالد بن سعيد بن العاص وإخوته لأنهم من كبراء
قريش وساداتهم ومن السابقين الأولين ولم يتول أحد بعده .
والمقصود أن هديه صلى الله عليه وسلم
تولية الأنفع للمسلمين وإن كان غيره أفضل منه ، والحكم بما يظهر الحق ويوضحه إذا لم يكن هناك أقوى منه يعارضه ، فسيرته تولية الأنفع والحكم بالأظهر ، ولا يستطل هذا الفصل فإنه من أنفع فصول الكتاب .