[
حيلة في التخلص من لدغ المخادع ]
المثال السادس والثلاثون : الحيلة المخلصة من لدغ العقارب ، وذلك إذا
اشترى الماكر المخادع من رجل دارا أو بستانا أو سلعة ، وأشهد عليه بالبيع ، ثم مضى إلى البيت أو الحانوت ليأتيه بالثمن ، فأقر بجميع ما في يده لولده أو لامرأته ، فلا يصل البائع إلى أخذ الثمن ، فالحيلة له أن يبيعه بحضرة الحاكم أو يمضي بعد البيع معه إليه ليثبت له التبايع ، ثم يسأله قبل مفارقته أن يحجر على المشتري في ماله ، ويقفه حتى يسلم إليه الثمن ; لئلا يتلف ماله أو يتبرع به فيتعذر عليه الوصول إلى حقه . ويلزم الحاكم إجابته إذا خشي ذلك من المشتري ; لأن فيه إعانة لصاحب الحق على التوصل إلى حقه ، فإن تعذرت عليه هذه
[ ص: 285 ] الحيلة ولدغته العقرب وادعى الإعسار عند الجمهور سأل الحاكم الحجر عليه ، فإن فعل ذلك رجع عليه في عين ماله . فإن كانت العقرب داهية بأن غير العين المبيعة أو ملكها لولده أو زوجته أو كان الحاكم لا يرى رجوع البائع في عين المبيع إذا أفلس المشتري ; فالحيلة أن يتوصل إلى إبطال العقد بإقرار سابق على المبيع لولده أو لزوجته أو يرهنه أو يبيعه لمن يثق به ، ويقدم تاريخ ذلك على بيع العقرب ، وله أن يتوصل بهذه الحيلة وإن كانت مكرا وخداعا ; فإن المكر والخداع حسن إذا كان على وجه المقابلة لا على وجه الظلم ، كما قال تعالى : {
ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون } وقال : {
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } وقال : {
إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم } وأخبر تعالى أنه كاد
ليوسف في مقابلة كيد إخوته وقد تقدم ذلك .