[
حيلة في شراء العبد نفسه من سيده ]
المثال السادس والتسعون :
إذا اشترى العبد نفسه من سيده بمال يؤديه إليه ، فأدى إليه معظمه ، ثم جحد السيد أن يكون باعه نفسه ، وللسيد في يد العبد مال أذن له في التجارة به ، فالحيلة أن يشهد العبد في السر أن المال الذي في يده لرجل أجنبي ، فإن وفى له سيده بما عاهده عليه وفى له العبد ، وسلمه ماله ، وإن غدر به تمكن العبد من الغدر به ، وإخراج المال عن يده ، وهذه الحيلة لا تتأتى على أصل من يمنع مسألة الظفر ، ولا على قول من يجيزها ، فإن السيد إذا ظلمه بجحده حقه لم يكن له أن يظلمه بمنعه ماله ، وأن يحول بينه وبينه فيقابل الظلم بالظلم ، ولا يرجع إليه منه فائدة ، ولكن فائدة هذه الحيلة أن السيد متى
[ ص: 21 ] علم بصورة الحال ، وأنه متى جحده البيع حال بينه وبين ماله بالإقرار الذي يظهره منعه ذلك من جحود البيع فيكون بمنزلة رجل أمسك ولد غيره ; ليقتله فظفر هو بولده قبل القتل فأمسكه ، وأراه أنه إن قتل ولده قتل هو ولده أيضا ، ونظائر ذلك .
وكذلك إن كان السيد هو الذي يخاف من العبد أن لا يقر له بالمال ويقر به لغيره يتواطآن عليه فالحيلة أن يبدأ السيد فيبيع العبد لأجنبي في السر ، ويشهد على بيعه ، ثم يبيع العبد من نفسه ، فإذا قبض المال فأظهر العبد إقرارا بأن ما في يده لأجنبي أظهر السيد أن بيعه لنفسه كان باطلا ، وأن فلانا الأجنبي قد اشتراه ، فإذا علم العبد أن عتقه يبطل ، ولا يحصل مقصوده امتنع من التحيل على إخراج مال السيد عنه إلى أجنبي .
ونظير هذه الحيلة إذا
أراد ظالم أخذ داره بشراء أو غيره فالحيلة أن يملكها لمن يثق به ، ثم يشهد على ذلك ، وأنها خرجت عن ملكه ، ثم يظهر أنه وقفها على الفقراء والمساكين ، ولو كان في بلده حاكم يرى صحة وقف الإنسان على نفسه ، وصحة استثناء الغلة له وحده مدة حياته ، وصحة وقفه لها بعد موته فحكم له بذلك استغنى عن هذه الحيلة .