[ ص: 121 ] للمفتي العدول عن السؤال إلى ما هو أنفع ] الفائدة الثانية :
يجوز
للمفتي أن يعدل عن جواب المستفتي عما سأله عنه إلى ما هو أنفع له منه ، ولا سيما إذا تضمن ذلك بيان ما سأل عنه ، وذلك من كمال علم المفتي وفقهه ونصحه ، وقد قال تعالى : {
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم } فسألوه عن المنفق فأجابهم بذكر المصرف ; إذ هو أهم مما سألوه عنه ، ونبههم عليه بالسياق ، مع ذكره لهم في موضع آخر ، وهو قوله تعالى {
: قل العفو } وهو ما سهل عليهم إنفاقه ولا يضرهم إخراجه .
وقد ظن بعضهم أن من ذلك قوله تعالى {
: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فسألوه عن سبب ظهور الهلال خفيا ثم لا يزال يتزايد فيه النور على التدريج حتى يكمل ثم يأخذ في النقصان ، فأجابهم عن حكمة ذلك من ظهور مواقيت الناس التي بها تمام مصالحهم في أحوالهم ومعاشهم ومواقيت أكبر عبادتهم وهو الحج ، وإن كانوا قد سألوا عن السبب فقد أجيبوا بما هو أنفع لهم مما سألوا عنه ، وإن كانوا إنما سألوا عن حكمة ذلك فقد أجيبوا عن عين ما سألوا عنه ، ولفظ سؤالهم محتمل ; فإنهم قالوا : ما بال الهلال يبدو دقيقا ثم يأخذ في الزيادة حتى يتم ثم يأخذ في النقص ؟ .