قال : وأشار إلى
قوة مراسيل كبار التابعين على مراسيل من دونهم ، ثم ذكر أنه لا يثبت الحجة بالمنقطع ثبوتها بالمتصل ، فدل على أن أصل المراسيل عنده ضعيف ، ومشهور على لسان الموافق والمخالف تضعيفه للمراسيل ، والوجه في تضعيفه ما أومأنا إليه من جهالة الواسطة . انتهى كلام
القفال . وقال
الماوردي في باب النفقة من الحاوي " إن مرسل
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حسن ، وأن المرسل الذي حصلت فيه هذه الشواهد أو بعضها يسوغ الاحتجاج به ، ولا يلزم لزوم الحجة بالمتصل ، وكأنه - رضي الله عنه - يسوغ الاحتجاج به ، ولم ينكر على من خالفه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المعرفة " : لم نجد حديثا ثابتا متصلا خالفه جميع أهل العلم إلا أن يكون منسوخا ، وقد وجدنا مراسيل أجمع أهل العلم على خلافها ، وذكر منها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر الآتي قريبا ، وظن
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر [ ص: 364 ] في كتاب التقريب " أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أراد بالاستحباب قسيم الوجوب . قال : فقد نص على أن القبول عند تلك الشروط مستحب غير واجب . انتهى . وليس كما قال ، بل مراد
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالاستحباب أن الحجة فيها ضعيفة ، وليست بحجة المتصل ، فإذا انتهضت الحجة ، وجب الأخذ لا محالة ، فإذا عارضه متصل كانت التقدمة مقدمة عليه ، إذ ليست الأدلة ما يكون الأخذ به مستحبا أبدا ، ولكن فيها ما يتفاوت ، وينفع ذلك عند التعارض . وقال
الربيعي في " المدخل " قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وأحببنا أن تقبل مرسله ، أراد به : اخترنا ، ويوافقه قول
القفال في شرح التلخيص " في باب اللقطة : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : أحب وأريد به الإيجاب ، وزعم
الماوردي أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يحتج بالمرسل ، إذا لم يوجد دلالة سواه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي في الكفاية " : الصحيح أنه لا فرق بين مرسل
سعيد وغيره من التابعين ، وإنما رجح
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي به ، والترجيح بالمرسل صحيح ، وإن لم يكن حجة بمفرده .
التاسع : أن المرسل العاري من هذه الاعتبارات والشواهد التي ذكرها ليس بحجة عنده . ولهذا قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62630أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن لي مالا وعيالا وإن لأبي مالا وعيالا ، فيريد أن يأخذ مالي فيطعم عياله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك لأبيك } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي :
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر غاية في الثقة والفضل ، والدين والورع ، ولكن لا ندري عمن قبل هذا الحديث .
[ ص: 365 ] العاشر : أن مأخذ رد المرسل عنده إنما هو احتمال ضعف الواسطة ، وأن المرسل لو سماه لبان أنه لا يحتج به ، وعلى هذا المأخذ فإذا كان المعلوم من عادة المرسل أنه لم يسم إلا ثقة ، ولم يسم مجهولا ، كان مرسله حجة ، وإن كان يروي عن الثقة وغيره فليس بحجة ، وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بهذا المعنى في غير موضع ، فقال - وذكر حديث
الزهري في الضحك في الصلاة مرسلا - قال : يقولون : يحابي ، ولو حابينا حابينا
الزهري ، وإرسال
الزهري ليس بشيء ، وذاك أنا نجده يروي عن
سليمان بن أرقم ، وهذا أعدل الأقوال في المسألة ، وهو مبني على أصل ، وهو أن
رواية الثقة عن غيره ، هل هي تعديل أم لا ؟ وفيه خلاف ، والصحيح التفصيل ، وهو أن الثقة إن كان من عادته أنه لا يروي إلا عن ثقة كانت تعديلا وإلا فلا ، كما سبق ، ومن هنا ظن جماعة أن العلة في قبول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لمرسل
سعيد كونه اعتبرها فوجدها مسانيد ، وليس كذلك ، وإلا كان الاحتجاج حينئذ بالمسند فيها ، ويجيء اعتراض
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي السابق ، ولكن لما كان حال صاحبها أنه لا يروي إلا عن ثقة ، حمل هذا المرسل على ما عرف من عادته صحيح به ، ولهذا
تقبل مراسيل الصحابة ، وإن احتمل كونه عن تابعي ، لأن الغالب أنهم لا يروون إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن صحابي ، لا سيما حالة الإطلاق فحمل على الغالب .