[ ص: 390 ] مسألة [
ثبوت الإجماع بنقل الآحاد وبالظنيات والعموميات ] فعلى هذا
لا يقبل فيه أخبار الآحاد ولا الظواهر ، ونقل عن الجمهور . وقال
القاضي في التقريب " : إنه الصحيح ، وذهب جماعة من الفقهاء إلى ثبوته بهما في حق العمل خاصة ، ولا ينسخ به قاطع كالحال في أخبار الآحاد فإنها تقبل في العمليات ، لا العلميات ، وأباه الجمهور مفرقين بينهما ، بأن الأخبار قد تدل على قبولها الأدلة ، ولم يثبت لنا مثلها في الإجماع ، فإن ألحقناه بها كان إلحاقا بطريق القياس ، ولا يجري ذلك في الأصول إذا لم ينعقد بالقياس في قواعد الشريعة . وهذا القول صححه
عبد الجبار والغزالي . قال : ولسنا قاطعين ببطلان مذهب من تمسك به في حق العمل ، والصحيح قول الفقهاء ، لكن الدليل الدال على قبول أخبار الآحاد والظواهر في العمليات لم يفرق بين ما يثبت بواسطة أو بغيرها ; ولأن ما قصد فيه العمل يكتفى فيه بالظن ، قال
الماوردي : وليس آكد من سنن الرسول ، وهي تثبت بقول الواحد . قال : وسواء كان الناقل له من أهل الاجتهاد أم لا ، وهو الصحيح عند
إمام الحرمين والآمدي .
[ ص: 391 ] وشنع
إمام الحرمين على الفقهاء إثباتهم الإجماع بالعمومات ، والظنيات ، واعتقادهم أن مخالفها بتأويل لا يكفر ، ولا يفسق ، مع قولهم إن مخالف حكم الإجماع يكفر أو يفسق ، وهو ترجيح للفرع على الأصل ، وسيأتي جوابه .
قال
الآمدي تبعا
للغزالي : والمسألة دائرة على اشتراط كون دليل الأصل مقطوعا به ، وعلى عدم اشتراطه ، فمن شرط القطع منع أن يكون خبر الواحد مفيدا في نقل الإجماع ، ومن لم يشترط لم يمنع ، وكلام
الإمام يشعر بأن الخلاف ليس مبنيا على هذا الأصل ، بل هو جار مع القول بأن أصل الإجماع ظني . وإذا قلنا بالاكتفاء بالآحاد في نقله كالسنة ، فهل ينزل الظن المتلقى من أمارات وحالات منزلة الظن الحاصل من نقل العدول ، قال
الإبياري : فيه خلاف ، وذهب
الإمام إلى أنه لا يصح أن يكون مستندا لعمل ، وإن غلب على الظن منها ما يغلب على الظن من قول الشارع فيما يظهر من لفظه مما يشعر به ظاهره .