[ المبحث العاشر ] في أنه من خصائص هذه الأمة أو كان حجة في الأمم السابقة أيضا وفيه قولان . أحدهما : وبه قال
الأستاذ أبو إسحاق ، أنه كان حجة ، والأصح كما قاله
الصيرفي وابن القطان ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815والشيخ أبو إسحاق في " اللمع " عن أكثر الأصحاب أنه ليس بحجة ، وجزم
القفال في تفسيره ، وحجة كون
الإجماع من خصائص هذه الأمة ، أن الدليل إنما قام على عصمة هذه الأمة دون غيرها ، وتوقف
القاضي في المسألة . قال
الإبياري : وهو المختار . لا بالنظر إلى طريقه ، بل لأنه لم يثبت عندنا استحالة الغلط في مستند فهم الحكم عند أهل الشرائع المتقدمة . وقال
الدبوسي : يحتمل أن إجماعهم كان حجة ما داموا متمسكين بالكتاب ، وإنما لم يجعله اليوم حجة ; لأنهم كفروا به ، وإنما ينسبون إلى الكتاب بدعواهم .
[ ص: 395 ] وقال
إمام الحرمين : إن قطع أهل الإجماع بقولهم في كل أمة فهو حجة لاستناده إلى حجة قاطعة ، فإن العادة لا تختلف في الأمم ، وإن كان المستند مظنونا ، فالوجه الوقف . وقال
ابن برهان في الأوسط " : إن ثبت بالتواتر أن إجماعهم كان حجة قلنا به ، وإن لم يثبت ذلك لم يصر إليه ; لأنه يتعلق به حكم . وقال في الوجيز " : الحق أن هذا معلوم من جهة العقل ، فإن ثبت ذلك بطريق قطعي صرنا إليه ونحوه قول
إلكيا : لا معنى للخلاف في هذه المسألة ; لأن العقل يجوز كلا الوجهين ، وإذا تقابل الجائزان يوقف الأمر على السمع ، ولا قاطع من جهته ، فتوقفنا ، ولم يثبت عندنا أن سلف كل أمة كانوا ينكرون على من يخالف أصحاب المرسلين في أحكام الوقائع بناء على أدلة تلك الشرائع .
وقال
الإبياري : ينبغي أن ينظر في هذه المسألة هل لها فائدة في الأحكام ؟ وإلا فهي جارية مجرى التاريخ ، كالكلام فيما كان عليه السلام عليه قبل البعثة . والصحيح عندي بناؤها على أن
شرع من قبلنا شرع لنا أم لا ؟ فإن ثبت أنه شرع لنا افتقر إلى النظر في إجماعهم ، هل كان حجة عندهم أم لا ؟ وقد حكى
الروياني في البحر " الخلاف قريبا من ذلك . فقال :
واختلفوا في أمة كل نبي ، هل كان إجماعهم حجة ؟ فقال بعض
المتكلمين : إجماع غير هذه الأمة لا يكون حجة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة ; لأن
اليهود والنصارى أجمعوا على قتل عيسى ، وأخبر الله سبحانه بكذبهم ، وقال آخرون : يكون حجة على من بعدهم من أمتهم ; لوجوب
العمل بشرائع الأنبياء في عصر بعد عصر ، ما لم يرد نسخها .
[ ص: 396 ]
فائدة [
دليل يدل على أن الإجماع من خصائص هذه الأمة ] احتج بعضهم على أنه من خصائص هذه الأمة بحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37777نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، والناس لنا تبع فيه ، اليهود غدا ، والنصارى بعد غد } . ووجه الاستنباط أن كل واحدة من الاثنتين أجمعت على تفضيل يوم وأخطأت .