فرع [
إذا لم يبق إلا مجتهد واحد ، فهل قوله حجة كالإجماع ] وطرد
الأستاذ قياسه ، فقال : يجوز ألا يبقى في الدهر إلا مجتهد واحد ، ولو اتفق ذلك ، فقوله حجة ، كالإجماع ، ويجوز أن يقال للواحد : أمة ،
[ ص: 486 ] كما قال تعالى : {
إن إبراهيم كان أمة } ونقله
الهندي عن الأكثرين .
قلت : وبه جزم
ابن سريج في كتاب " الودائع " ، فقال : وحقيقة الإجماع هو القول بالحق ، فإذا حصل القول بالحق من واحد ، فهو إجماع ، وكذا إن حصل من اثنين أو ثلاثة . والحجة على أن الواحد إجماع ما اتفق عليه الناس في
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لما منعت
بنو حنيفة الزكاة ، فكانت بمطالبة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لها بالزكاة حقا عند الكل ، وما انفرد بمطالبتها غيره . هذا كلامه ، وخلاف كلام
إمام الحرمين فيه ، وهو الظاهر ; لأن الإجماع لا يكون إلا من اثنين فصاعدا ، ونقل
ابن القطان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12535أبي علي بن أبي هريرة أنه حجة .
وقال
إلكيا : المسألة مبنية على تصور اشتمال العصر على المجتهد الواحد ، والصحيح تصوره ، وإذا قلنا به ، ففي انعقاد الإجماع بمجرد قول خلاف ، وبه قال
الأستاذ أبو إسحاق . قال : والذي حمله على ذلك أنه لم ير في اختصاص الإجماع بمحل معنى يدل عليه ، فسوى بين العدد والفرد . وأما المحققون سواه فإنهم يعتبرون العدد ، ثم يقولون المعتبر عدد التواتر ، فإذن مستند الإجماع مستند إلى طرد العادة بتوبيخ من يخالف العصر الأول ، وهو يستدعي وفور عدد من الأولين ، وهذا لا يتحقق فيما إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد ، فإنه لا يظهر فيه استيعاب مدارك الاجتهاد . قال : وينشأ من هذا خلاف في مسألتين
[ ص: 487 ] إحداهما : أن
الصحابة إذا أجمعوا على قول وانفرد واحد منهم بخلاف ، والمجمعون عدد التواتر ، فهل ينعقد الإجماع دونه ؟ فقيل : لا يعتد بخلاف الواحد . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير . والصحيح أنه يعتد بخلافه إن كان استناد الإجماع إلى قياس ، إذ لا يبعد أن يقال : الجماعة إذا ابتدروا أجلى القياس وظهر الواحد منهم بقياس غامض يخالف فيه . نعم .
إن قطعوا في مظنة الظن ، فأهل التواتر لا يقطعون في مظنة الظن إلا بقاطع ، ثم ذلك القاطع لا بد وأن يظهر للمخالف . الثانية : أن
إجماع أهل سائر الأعصار ، هل يكون حجة ؟ وفيه خلاف ، والأكثرون على التسوية بين إجماع الصحاب ومن عداهم ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=15858لداود .