[
أمثلة للقياس في الرخص ]
وقد استعمل أصحابنا القياس في الرخص فيما سبق فلنشر إلى ذلك أدنى إشارة ، فإنه يعز استحضاره :
ومنها : أن السلم رخصة ورد مقيدا بالأجل وجوزه أصحابنا حالا ، لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فلأن يجوز حالا أولى لقلة الغرر وقد ينازع في كونه هذا قياسا ، وإنما هو من باب دلالة الفحوى ، أي مفهوم الموافقة ، وفي كونها قياسا خلاف . على أن
الغزالي في المستصفى أبدى في كون السلم رخصة احتمالين له .
ومنها : ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم النهي عن المزابنة وهي
بيع الرطب على النخل بالتمر ثم ورد الترخيص في " العرايا " وهي بيع
[ ص: 77 ] الرطب على النخل بتمر في الأرض كذلك مفسرا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وغيره ، وألحق أصحابنا به العنب بجامع أنه زكوي يمكن خرصه ويدخر بالسنة ، فكان كالرطب وإن لم يشمله الاسم . قال
ابن الرفعة : وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الأم " يدل على أن الأصل الرطب ، والعنب مقيس عليه ، ولكن
الماوردي في " الحاوي " حكى خلافا فقال : اختلف أصحابنا ،
هل جازت الرخصة في الكرم نصا أو قياسا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول
البصريين إنها نص فرووا عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62648أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في العرايا }
والعرايا :
بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب . والثاني : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12535أبي علي بن أبي هريرة وطائفة من
البغداديين إنها جازت قياسا على النخل لبروز ثمرتها وإمكان الخرص فيهما وتعلق الزكاة بهما .
قلت : والظاهر ترجيح الثاني وهو الذي يدل عليه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وما ذكره الأولون عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت غير ثابت بل المعروف عنه خلافه . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه في صحيحه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62649أنه عليه الصلاة والسلام رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غيره } ، ومن توابع ذلك أنه هل يلتحق بهما ما سواهما من الأشجار ؟ قولان ، مدركهما جواز القياس في الرخص ، والأصح أنه لا يلحق . ومنها : أن الصلاة تحرم عند الاستواء ، واستثني يوم الجمعة لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فيه ، يستثنى باقي الأوقات في يوم الجمعة ؟ فيه وجهان : أحدهما : نعم كوقت الاستواء تخصيصا ليوم الجمعة وتفضيلا له ، " وأصحهما " المنع ، لأن الرخصة قد وردت في وقت الاستواء خاصة ، فلا يلحق به غيره لقوة عموم النهي .
ومنها : الرخصة في مسح الخف وردت وهي مقصورة على الضرورة فلا يلحق بها الجرموق على الجديد - لأن الحاجة لا تدعو إليه فلا تتعلق الرخصة به . واستشكل هذا بتجويز
المسح على الخف الزجاج والخشب والحديد .
[ ص: 78 ] ومنها : لو مسح أعلى الخف وأسفله كفى وهو الأكمل ، لوروده في معجم الطبراني من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وفي الاقتصار على الأسفل قولان ، أصحهما : المنع ، لأنه رخصة فيقتصر على الوارد . ومنها : التيمم للفرض رخصة للضرورة ، وفي جوازه للنافلة خلاف . ومنها :
النيابة في حج الفرض عن المعضوب رخصة ، كما صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي الحسين وغيره . ولو استناب في حج التطوع جاز في الأصح . ومنها : أن الرخصة وردت فيمن أقام ببلد لحاجة يتوقعها كل وقت فله أن يقصر ثمانية عشر يوما ، ولا يجوز له الترخص بغير ذلك . لكن هل يتعدى هذا الحكم لباقي الرخص من الجمع والفطر والمسح وغيرها ؟ لم يتعرض له الجمهور ، ويحتمل إلحاقه بناء على جواز القياس في الرخصة . وقد نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله بالنسبة إلى عدم وجوب الجمعة . ويحتمل منعه من جهة أنا منعنا الزيادة على هذه المدة بالنسبة إلى القصر مع ورود أصله فلأن يمتنع رخص ما لم يرد أصله أولى .
ومنها : أن الرخصة وردت بالجمع بين الصلاتين بالمطر وألحقوا به الثلج والبرد إن كانا يذوبان ، وقيل : لا يرخصان اتباعا للفظ المطر . ومنها : قال
الروياني : لا يجوز
الجمع بين الجمعة والعصر بعذر المطر تأخيرا ، وكذا تقديما في أصح الوجهين ، لأن الجمعة رخصة في وقت مخصوص فلا يقاس عليه . والمشهور الجواز . ومنها : أن
صلاة شدة الخوف لا تختص بالقتال ، بل لو ركب الإنسان سيلا يخاف الغرق وغيره من أسباب الهلاك فإنه يصلي ولا يعيد قياسا على الصلاة في القتال . وأجاب
إمام الحرمين في " النهاية " إذ قال : من أصلكم أن الرخص لا تتعدى مواضعها ولذلك لم يثبتوا رخصا في حق المريض بوجهين :
[ ص: 79 ] أحدهما : أن هذا بالنص وهو عموم قوله تعالى : {
فإن خفتم } والثاني : أنا نجوز القياس في الرخص إذا لم يمنع مانع ، والإجماع يمنع من إجراء رخص السفر في المرض . ومنها : أن
صوم أيام التشريق لا يجوز في الجديد ، ويجوز في القديم للمتمتع إذا عدم الهدي ، وفي جوازه لغيره وجهان ، أصحهما المنع ، لأن النهي عام والرخصة في حق المتمتع . ومنها : قال
الرافعي وردت السنة بالمساقاة على النخل ، والكرم في معناه . وفي " الكفاية " قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قاس على النخل وقيل : أخذه من النص .
ومنها :
المبيت بمنى للحاج واجب وقد رخص في تركه للرعاة وأهل سقاية nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، فهل يلتحق بهم المعذور كأن يكون عنده مريض منزول به محتاج لتعهده ، أو كان به مرض يشق عليه المبيت ، أو له
بمكة مال يخاف ضياعه ؟ فيه وجهان : ( أصحهما ) : نعم قياسا على العذر ، والثاني : المنع ، والرخصة وردت لهم خاصة .
قال في " البحر " : فلو عمل أهل
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس أو غيرهم في غير سقايته هل يجوز لهم ترك المبيت والرمي ؟ فيه وجهان : أحدهما : لا ، والثاني : نعم ، قياسا عليهم وهكذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، ونص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الأوسط " على أنه لا يشركه باقي السقايات وبهذا يعترض على تصحيحه في الروضة الجواز .