مسألة [
جريان القياس في اللغات ]
في جريان القياس في اللغات وجهان ، وقد سبقت في مباحث اللغات بتحريرها ونقولها ، والذي نذكره هاهنا أنه ليست هذه المسألة مسألة التعليل بالاسم ، بل تلك في أنه
هل يناط حكم شرعي باسم ؟ وهذه في أنه
هل يسمى شيء باسم شيء آخر لغة لجامع ؟ والقياس الشرعي إلحاق فرع بأصل في حكمه .
[ ص: 84 ] وقال
أبو الحسين في " المعتمد " : اختلفوا في
العلة هل هي دليل على اسم الفرع ثم تعلق به حكم شرعي أو يدل ابتداء على حكم شرعي ؟ فحكى عن
ابن سريج أنه قال : إنما ثبت بالقياس الأسماء في الشرع ثم تعلق عليها الأحكام ، فكان يتوصل إلى أن
الشفعة تركة ثم يجعلها موروثة ،
وأن وطء البهيمة زنى ثم تعلق به الحد ، وبعض الشافعية كان يقيس النبيذ على الخمر في تسميته خمرا لاشتراكهما في الشدة ثم يحرمه بالآية . وأكثر الفقهاء متفقون على أن العلل تثبت بها الأحكام فإن كان
ابن سريج يمنع من تعليل الأحكام في الشرع بالعلل فهو باطل ، لأن أكثر المسائل إنما تعلل فيها أحكامها دون أسمائها . وإن أراد أن العلل قد يتوصل بها إلى الأسماء في بعض المواضع فإن أراد بالعلل العلل الشرعية فباطل ; لأن اللغة أقدم من الشرع فلا يجوز إثباتها بأمور طارئة .
قال
إلكيا : كان
ابن سريج يقول : إنما ثبتت الأسامي بالقياس ثم تعلق الأحكام بها نحو ما كان يقول : إن القياس يوصل إلى أن وطء البهيمة زنى ثم ثبت الحد فيه بظاهر الآية ، ووجه كونه زنى أنه إيلاج فرج في فرج تمحض تحريما فكان زنى ، والنبيذ خمر للشدة والخمر محرمة .
قال
إلكيا : وهذا النوع باطل من كل وجه ; لأن القياس في الأسامي يتلقى من فهم مقاصد اللغة ومعرفته موضع اشتقاق الاسم ، ثم يجري على ما فيه ذلك المعنى ذلك الاسم ، فيكون نهاية نصهم على فائدة التسمية ذلك ، وليس لهذا القول تعلق بالشرع ، لأنه قد يصح سواء كان هناك شرع أم لا ، وأما القياس الذي يختص الشرع به فإنما تثبت به الأحكام فقط بأن يعلل الأصول التي يثبت الحكم فيها ، لتعدية الحكم بالتعليل إلى ما شاركها في العلة .
[ ص: 85 ] وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى في الخمر على خلاف ما ذكره ، والقول في بطلانه ظاهر في الشرع أولا ، وفي اللغة ، لأن فهم موضع الاشتقاق لا يمنع إمكان تخصيص الاسم .