( التنبيه ) الثالث أن هذا الخلاف هل هو في الكلام النفسي أم في اللساني ؟ يحتمل الأول على معنى أنه يقوم بالذات معنى إيجاب الصلاة ، ومعنى اشتراط الوضوء لصحة الصلاة ، وهذان المعنيان يستلزمان معنى ثالثا ، وهو إيجاب الوضوء ، ويحتمل الثاني على أن مجموع الخطابين يدل على إيجاب الصلاة التزاما ، ولا يتصور دلالتهما عليه مطابقة ; لعدم الوضع .
[ ص: 306 ]
( التنبيه ) الرابع ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة الأمر بالشيء نهي عن ضده ؟ فإن اختيار
الإمام ،
والغزالي أن المقدمة واجبة ، وأن
الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده . ( التنبيه ) الخامس هذا كله فيما هو مقدمة ووسيلة بأن يتوقف عليه وجود الواجب إما شرعا ، كالوضوء مع الصلاة ، أو عقلا ، كالسير إلى الحج ، وبقي أن يكون فعله لازما لفعل الواجب بأن يتوقف عليه العلم بوجود الواجب لا نفس وجود الواجب ، وذلك إما لالتباس الواجب بغيره كالإتيان بالصلوات الخمس إذا ترك واحدة ونسي عينها ، فإن العلم بأنه أتى بالصلاة المنسية لا يحصل إلا بالإتيان بالخمس ، وإما أنه لا يمكنه الإتيان بالواجب إلا إذا أتى بغيره [ لتقارب ] ما بينهما بحيث لا يظهر حد بفرق بينهما وذلك كستر شيء من الركبة لستر الفخذ وغيره بحيث لا يظهر حد بفرق ، فالعلم بستر جميع الفخذ الذي هو واجب إنما يحصل بشيء من الركبة للتقارب المذكور .
( التنبيه ) السادس إنما تجب المقدمة حيث لم يعارضها أقوى منها . مثاله : يجب
على المرأة كشف الوجه في الإحرام ، وجوزوا لها أن تستر القدر اليسير منه الذي يلي [ ص: 307 ] الرأس ; لأنه لا يمكن استيعاب الرأس بالستر إلا بستره ، وكأنهم رأوا أن الستر أحوط من الكشف . ( التنبيه ) السابع ما ذكرناه في المأمور من أنه إذا كان لا يتأتى أداء الواجب إلا به يجري مثله في النهي ، وهو ما إذا لم يمكن الكف عن المحظور إلا بالكف عما ليس بمحظور ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث المحظور .