( المسألة ) الرابعة عشرة استشكل
الجمع بين قول الأصوليين إن فرض الكفاية يسقط بفعل البعض ، وقول الفقهاء : لو صلى على الجنازة طائفة ثانية وقعت صلاتهم فرضا أيضا ، وإذا سقط الفرض بالأولى كيف تقع الصلاة الثانية فرضا ؟ ، وأجاب
النووي في باب الجنائز من " شرح المهذب " فقال : عبارة المحققين : " يسقط الحرج عن الباقين " أي لا حرج عليهم في ترك هذا الفعل ، فلو فعلوه وقع فرضا كما لو فعلوه مع الأولين دفعة واحدة ، وأما عبارة من يقول : سقط الفرض عن الباقين ، فمعناه سقط حرج الفرض وإثمه . ا هـ .
قلت : وهي عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الرسالة " ويشهد له ما قاله
المتولي :
[ ص: 335 ] إن الطائفة الثانية تنوي بصلاتهم الفرض ; لأن فعل غيرهم أسقط عنهم الحرج لا الفرض ، وهذا قد ينكره الشادي في العلم ، ويقول : لا معنى للفرض إلا الذي يأثم بتركه ، فإذا كان بعد فعل الأولى لا يلحق الثانية حرج على الترك ، فلا معنى لبقاء الفرض في حقهم ، وقد أجيب عنه بأن
فرض الكفاية على قسمين : أحدهما : ما يحصل تمام المقصود منه ولا يقبل الزيادة ، فهذا هو الذي يسقط بفعل البعض ، والثاني : يتجدد مصلحته بتكرار الفاعلين له كالاشتغال بالعلم ، وحفظ القرآن ، وصلاة الجنازة ; لأن مقصودها الشفاعة ، فهذه الأمثلة ونحوها كل أحد مخاطب به ، وإذا وقع يقع فرضا تقدمه غيره أو لم يتقدمه ، ولا يجوز له تركه إلا بشرط قيام غيره به ، فإذا قام غيره به جاز الترك وارتفع الحرج .