ثانيها - أن يكون
أحدهما أقرب إلى الاحتياط بأن يقتضي الحظر ، والآخر الإباحة ، فيقدم مقتضى الحظر ، لأن المحرمات يحتاط لإثباتها ما أمكن ، ولحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18816دع ما يريبك إلى ما لا يريبك } قال
الشيخ في اللمع
وابن برهان : هذا هو الصحيح . وقيل : يرجح المقتضي للإباحة ، لأنها تستلزم ( نفي الحرج ) الذي هو الأصل ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في الملخص " وأشار
الآمدي إلى القول به بحثا ، وحكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق وجهين . وقال
القاضي والإمام والغزالي : يتساويان ، فلا يقدم أحدهما على الآخر ، لأنهما حكمان شرعيان صدق الراوي فيهما على وتيرة واحدة ،
[ ص: 196 ] وصححه
الباجي ونقله عن شيخه
القاضي أبي جعفر . وصور في الحاصل " المسألة بأن يقتضي العقل حرمة وإباحة ما أباحه أحد الخبرين ، وحرمه الآخر .
ثم نقل فيه التساوي ، ثم قال : لا يستقيم ذلك على أصلنا العازل للعقل عن أحكام الشرع . أما على أصل
المعتزلة فنعم . وقال
سليم : إن كان للشيء أصل إباحة وحظر ، وأحد الخبرين يوافق ذلك الأصل ، والآخر بخلافه ، كان الناقل عن ذلك الأصل أولى ، كتقديم الخبر في تحريم النبيذ . وإن لم يكن له أصل من حظر ولا إباحة فيرد خبر يقتضي الإباحة ، وآخر الحظر ، فوجهان : ( أحدهما ) أن الحظر أولى للاحتياط ، ولأن الحرام يغلب . و ( الثاني ) أنهما سواء لأن تحريم المباح كتحليل الحرام ، فلم يكن لأحدهما مزية على الآخر .
وقد روينا في المعجم الكبير
nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني عن
محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا
يحيى الحمامي ، حدثنا
موسى بن محمد الأنصاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث التميمي ، عن
أم معبد مولاة قرظة بن كعب قال ، أي نبي الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62725إن المحرم ما أحل الله كالمستحل ما حرم الله } والله أعلم .
وقال
إلكيا : إن كانت الإباحة هي الأصل فالحظر أولى ، وهذا ليس من المتعارض ، فنقدم الإباحة على طريان الحظر ، فكأن الإباحة في حكم المنسوخ . وإن كان الحظر هو الأصل فالأخذ بالإباحة أولى . أما إذا تعارضا ولم يعلم أصل أحدهما فهو موضع التوقف :
[ ص: 197 ] فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان إلى أن الحظر يرجح ، وقيل : إنه مذهب
الكرخي ، لأن الحرام يغلب . - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12187أبو هاشم : يستحيل ورود الخبرين في الحظر والإباحة ولا يمكن تقدير المستحيل . ثم قال
إلكيا : والحق ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12187أبو هاشم إذا أمكن من تعارضهما من هذا الوجه والرجوع إلى وجه آخر في الترجيح إما من حيث الاحتياط إذا أمكن القول به في الترجيح على ما بيناه ، أو بوجه آخر قدمناه . فائدة من أمثلة هذا القسم أن
القاضي بكارا nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني اجتمعا في جنازة ، وكان القاضي يريد أن يسمع كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، فسأل بعض أصحابه
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني فقال : يا
أبا إبراهيم ، جاء في الأحاديث تحريم النبيذ ، وجاء تحليله ، فلم قدمتم التحريم على التحليل ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : لم يذهب أحد من العلماء إلى أن النبيذ كان حراما في الجاهلية ثم نسخ ، ووقع الاتفاق على أنه كان حلالا . فهذا يعضد صحة الأحاديث بالتحريم ، فاستحسن ذلك منه . .