وقال
ابن دقيق العيد في " شرح العنوان " : اختلفوا في
كل مجتهد في الفروع مصيب أم لا ، وهو بناء على أنه هل لله تعالى في الواقعة حكم معين أم لا ، ولنقدم عليه مقدمة وهي أن لله تعالى حكمين : ( أحدهما ) : مطلوب بالاجتهاد ونصب عليه الدلائل والأمارات فإذا أصيب حصل أمران أحدهما أجر الإصابة ، والآخر أجر الاجتهاد .
و ( الثاني ) : وجوب العمل بما أدى إليه الاجتهاد وهذا متفق عليه . فمن ينظر إلى هذا الحكم الثاني ولم ينظر في الأول قال : إن حكم الله على كل أحد ما أدى إليه اجتهاده . ومن نظر إلى الأول قال : المصيب واحد . وكلا القولين حق من وجه دون وجه . أما أحدهما فبالنظر إلى وجوب المصير إلى ما أدى إليه الاجتهاد . وأما الآخر فبالنظر إلى الحكم الذي في نفس الأمر المطلوب بالنظر . واحتج القائلون بأن المصيب واحد بقوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62746إذا اجتهد الحاكم وأصاب } لأنه صرح بالإصابة والخطأ وهو يستلزم أمرا معينا . وقوله تعالى : {
ففهمناها سليمان } وهذا القول منسوب إلى الأئمة الأربعة خلا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل . وقال
المتكلمون : كل مجتهد مصيب . قال : ونحن قد بينا غور المسألة ، وهو أنه إن أريد الإصابة بالنسبة إلى الحكم على كل إنسان بما أدى إليه اجتهاده فهو حق ، وقد وافق
الغزالي المتكلمين وقال : إن كان ثم تقصير فالخطأ واقع لتقصيره ، لا لخطئه إصابة أمر معين ، وإن لم يكن ثم تقصير فلا حكم في حقه ما لم يبلغه النص ،
[ ص: 305 ] واستدل بمسألة تحويل القبلة ، فإن أهل
قباء بلغهم النص فأسرعوا في الصلاة ولم يثبت الحكم في حقهم إلا بعد العلم بدليل عدم بطلان الصلاة وكذلك المخابرة فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يخابر ولا يرى بذلك بأسا حتى بلغه خبر
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج بالنهي عنها . انتهى . .