[ التنبيه ] الثالث [ استثناء بعض الصور ]
إن
القائلين بتكليفه ورجوع الفائدة لأحكام الدنيا استثنوا صورا لا يجري عليه فيها أحكام المسلمين ، لأجل عقيدتهم بإباحته في صور : منها : شرب الخمر لا يحدون به على المذهب لاعتقادهم إباحته . ومنها : لو غصب منه الخمر ردت عليه . ومنها : لا يمنع من لبس الحرير في الأصح .
ومنها : الحكم بصحة أنكحتهم على ما يعتقدون . ومنها : لا يمنع من لبس الحرير في الأصح . مساجدنا .
ومنها : أنه لا يحرم على الكافر الجنب اللبث في المسجد ، لأن الكفار كانوا يدخلون
مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويطيلون الجلوس ، ولا شك أنهم كانوا يجنبون . ويخالف المسلم ، فإنه يعتقد حرمة المسجد فيؤاخذ بموجب اعتقاده والكافر لا يعتقد حرمته ولا يلزم تفاصيل التكليف فجاز أن لا
[ ص: 140 ] يؤاخذ به كذا علله
الرافعي . ثم قال : وهذا كما أن الكافر لا يحد على شرب الخمر ، لأنه لا يعتقد تحريمه والمسلم يحد .
ومنها : تفضيل معاملتهم على معاملة المسلمين ، فإنا إذا قلنا : ليسوا مخاطبين كانت معاملتهم فيما أخذوه على خلاف القواعد الشرعية أخف من معاملة المسلم ، لأنه عاص بذلك العقد ، وقد نهاه الله عنه ولم ينه الكافر .
ولذلك قال
الشيخ عز الدين : ما يأخذه الإفرنج من أموال بعضهم بعضا يملكونه بالقهر بخلاف أخذهم أموال المسلمين لا يملكونها بالقهر ، فيكون الحلال الذي بأيديهم أوسع من الحلال الذي بأيدي المسلمين .
وظهر بما ذكرنا أن الخلاف نشأ في هذه الفروع من كونه غير ملتزم لأحكام المسلمين لا من أنه مخاطب أو لا .
ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد في " الفروق " : وقد جزم بجواز المكث في المسجد للجنب . فإن قيل : أليس الصحيح أنهم مخاطبون بالفروع كالمسلمين ؟
قلنا : التعظيم ينشأ ويتصور من أصل العقيدة ، والكافر غير معتقد سواء قلنا : إنهم مخاطبون أو لا ، وفائدة الخطاب زيادة عقوبتهم في الآخرة .
قلت : ولهذا إذا ترافعوا إلينا وفرعنا على وجوب الحكم بينهم وهو الأصح ، فإنا نجريهم على أحكامنا .