مسألة [ الكلام ]
الكلام عند جمهور
الأشعرية مشترك بين الحروف المسموعة والمعنى النفسي ، لأنه قد استعمل فيهما ، والأصل في الإطلاق الحقيقة ، أما استعماله في العبارات ، فلقوله تعالى : {
ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } {
وأسروا قولكم أو اجهروا به } وقيل : حقيقة في النفسي مجاز في اللساني ، وقيل : عكسه ، والثلاثة محكية عن
الأشعري ، حكاها
ابن برهان عنه .
[ ص: 181 ] والكلام النفسي عند
الأشعري نسبة بين مفردين قائمة بذات المتكلم ، ويعنون بالنسبة بين المفردين تعلق أحدهما بالآخر وإضافته إليه على جهة الإسناد الإفادي . أي : بحيث إذا عبر عن تلك النسبة بلفظ يطابقها ويؤدي معناها كان ذلك اللفظ إسنادا إفاديا . ومعنى قيام هذه النسبة بالمتكلم : أن الشخص إذا قال لغيره : اسقني ماء ، فقبل أن يتلفظ بهذه الصيغة قام بنفسه تصور حقيقة السقي وحقيقة الماء والنسبة الطلبية بينهما فهذا هو الكلام النفسي والمعنى القائم بالنفس ، وصيغة قوله : اسقني ماء عبارة عنه ودليل عليه .
وقال
القرافي : معنى الكلام النفسي أن كل عاقل في نفسه الأمر والنهي والخبر عن كون الواحد نصف الاثنين وعن حدث العالم ، وهو غير مختلف ، ثم يعبر عنه بعبارات ولغات مختلفة ، فالمختلف هو
الكلام اللساني ، وغير المختلف هو الكلام النفسي القائم بذات الله تعالى ، ويسمى ذلك العلم الخاص سمعا ، لأن إدراك الحواس إنما هو علوم خاصة أخص من مطلق [ علم ] ، فكل إحساس علم وليس كل علم إحساسا . فإذا وجد هذا العلم الخاص في نفس
موسى المتعلق بالكلام النفسي القائم بذات الله تعالى سمي باسمه الموضوع له في اللغة وهو السماع .
وقال
الغزالي في بعض عقائده : من أحال سماع
موسى كلاما ليس بصوت ولا حرف فليحل يوم القيامة رؤية ذات ليست بجسم ولا عرض .