تنبيهان : [ التنبيه ] الأول :
إن الحامل لهم على نسبة
أنها ليست بحجة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي عدم إيجابه التتابع في صوم كفارة اليمين مع علمه بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وهو ممنوع ، فقد سبق من كلام
إلكيا إبطال استنباطه منه ، وقد نص رحمه الله في مختصر
nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي " على أنها حجة في باب الرضاع ، وفي باب تحريم الجمع ، فقال : ذكر الله الرضاع بلا توقيت . وروت
عائشة التوقيت بخمس ، وأخبرت أنه مما أنزل من القرآن ، وهو وإن لم يكن قرآنا فأقل حالاته أن يكون عن رسول
[ ص: 223 ] الله صلى الله عليه وسلم ، لأن القرآن لا يأتي به غيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29361لأقضين بينكما بكتاب الله } ، فحكمنا به على هذا ، وليس هو قرآنا يقرأ ا هـ .
وظاهره أنه يعمل بها من جهة كونها خبرا لا قرآنا ، وجرى عليه جمهور الأصحاب منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد والماوردي ،
والروياني في الصيام والرضاع ،
nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب في الصيام ووجوب العمرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي الحسين في الصيام ،
والمحاملي والرافعي في كتاب السرقة ، واحتجوا في إيجاب قطع اليمين من السارق بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " فاقطعوا أيمانهما " .
وقال
الروياني في البحر " في كتاب الصلاة أنها تجري مجرى الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الأثر عن الصحابة ، نعم الشرط عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك أن لا يخالف رسم المصحف ، ولا يوجد غيرها مما هو أقوى منها ، ولذلك لم يحتج بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " وعلى الذين يطيقونه فدية " مع أن مذهبه وجوب الفدية كما نص عليه في المختصر " .
قال شارحوه : إنما عدل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن الاستدلال بهذه القراءة ، لأنها تشذ عن الجماعة ، وتخالف رسم المصحف .
قلت : أو لأنه رأى أنه لا استدلال بها مع وجود ما هو أقوى منها ، فإن الله تعالى كان قد خير أولا بين الصيام وبين الإفطار والفدية ، ثم ختم الصيام بقوله : {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وبقي من لم يطق على حكم الأصل في جواز الفطر ووجوب الفدية . ويخرج من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبي إسحاق الشيرازي شرط آخر ، فإنه قال في كتابه التذكرة في الخلاف " : القراءة الشاذة إنما تلحق بخبر الواحد إذا قرأها قارئها على أنه قرآن ، فإن ذكرها على أنها تفسير فلا ، كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها " وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : " فعدة من أيام متتابعات " . ا هـ .
[ ص: 224 ]
وفيما قاله في التفسير نظر على رأي من يجعله في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وممن صرح بها من الأصوليين
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر الصيرفي فقال في كتاب الدلائل والأعلام " : ما روي آحادا من آي القرآن كرواية
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر آية الرجم وخبر
عائشة في الرضاع وخبر
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62366لو كان لابن آدم واديان من الذهب لابتغى لهما ثالثا } فإنها ثابتة الأسانيد صحيحة من جهة النقل . ونحن نثبت ما قالوا على ما قالوا غير متأولين عليهم ما لم يظهر لنا إلا أن لا نجد وجها غير التأويل ، وذلك لأن
من القرآن ما نسخ رسمه وبقي حكمه ، وإنما تجب تلاوة المرسوم ، فأما ما بقي حكمه فلا تجب تلاوته .
والذي أجمع المسلمون عليه في الرسم هو الواجب تلاوته ، والذي لم يرسم يتلى وينقل حكمه إذ كان
القرآن المتلو يوجب شيئين :
أحدهما : إثبات حكمه وتلاوته والقطع عليه بما يعمل به والتسمية بما سماه الناقل ، وليس يثبت المتلو بخبر الواحد ، وإذا كان خبر الواحد قد يخص ظاهر المتلو ويثبته تثبيت الأحكام كان أيضا كذلك ما أثبت حكمه من جهة الخبر أنه قرآن في الحكم لا في الرسم والتلاوة .
انتهى .
وقال
الماوردي في موضع آخر : إن
أضافها القارئ إلى التنزيل أو إلى سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، أجريت مجرى خبر الواحد ، وإلا فهي جارية مجرى التأويل . ا هـ . ويخرج من هذا التفصيل مذهب ثالث ، وبه صرح
الباجي في المنتقى " فقال :
القراءة الشاذة هل تجري مجرى خبر الواحد ؟ فيه ثلاثة أقوال : ثالثها : التفصيل بين أن تسند أم لا . ا هـ .
[ ص: 225 ] ويخرج من كلام
أبي الحسين في المعتمد " مذهب رابع ، فإنه قال في باب الأخبار :
القرآن المنقول بالآحاد إما أن يظهر فيه الإعجاز أو لا ، فإن لم يظهر جاز أن يعمل بما تضمنه من عمل إذا نقل إلينا بالآحاد ، كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " متتابعات " وإن ظهر فهو حجة للنبوة ، ولا يكون حجة إلا وقد علم أنه لم يعارض في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، مع سماع أهل عصره له ، ولا يعلم ذلك إلا وقد تواتر نقل ظهوره في ذلك العصر . وأطلق
القاضي ابن العربي دعوى الإجماع على أنها لا توجب علما ولا عملا ، وليس كما قال . وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي شارح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " محل الخلاف بين الحنفية وغيرهم فيما إذا لم يصرح الراوي بسماعها وقطع بعدم حجيتها .
قال : فأما لو صرح الراوي بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم ، فاختلفت المالكية في العمل بها على قولين ، والأولى الاحتجاج بها تنزيلا لها منزلة الخبر .
[ التنبيه ] الثاني
أن هاهنا سؤالا ، وهو أن يقال : إن كان مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها حجة فهلا أوجب التتابع في صوم الكفارة اعتمادا على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " متتابعات " وهلا قال في الصلاة الوسطى : إنها صلاة العصر اعتمادا على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " وصلاة العصر " ؟ وإن كان مذهبه أنها ليست بحجة فكيف اعتمد في التحريم في الرضاع بخمس على حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ؟ وكيف قال : إن الأقراء هي الأطهار ؟ واعتمد في الأم " على أنه عليه الصلاة والسلام قرأ : " لقبل عدتهن " والذي يفصل عن هذا الإشكال أن لا يطلق القول في ذلك ، بل يقال : لا يخلو إما أن تكون
القراءة الشاذة وردت لبيان حكم أو لابتدائه ،
[ ص: 226 ] فإن وردت لبيان حكم ، فهي عنده حجة ، كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في الرضاع وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " أيمانهما " ، وقوله : " لقبل عدتهن " .
وإن وردت ابتداء حكم ، كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " متتابعات " ، فليس بحجة إلا أنه قد قيل : إنها لم تثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ويدل له ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناد صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كان مما أنزل : " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " فسقطت " متتابعات " .
أو يقال :
القراءة الشاذة إما أن ترد تفسيرا أو حكما ، فإن وردت تفسيرا فهي حجة كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أيمانهما وقوله : وله أخ أو أخت من أم وقراءة
عائشة : " والصلاة الوسطى صلاة العصر " ، وإن وردت حكما فلا يخلو إما أن يعارضها دليل آخر أم لا ، فإن عارضها فالعمل للدليل كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في صيام المتمتع : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات " ، فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام قال : {
إن شئت فتابع أو لا } ، وإن لم يعارضها دليل آخر
nindex.php?page=showalam&ids=13790فللشافعي قولان ، كوجوب التتابع في صوم الكفارة .
وأما تحرير مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فنقل
إمام الحرمين وابن القشيري ، عنه أنه ينزلها منزلة خبر الواحد ، قال
ابن القشيري : وهذا يناقض قوله : إن الزيادة في الحديث من بعض النقلة لا تقبل ، وقال
أبو زيد الدبوسي في كتاب تقديم الأدلة " : لا تثبت القراءة بخبر الواحد ، ولهذا قالت الأئمة ، فيمن قرأ في صلاته بكلمات تفرد بها
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : إن صلاته لا تجوز كما لو قرأ خبرا من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : وإنما أخذنا بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " متتابعات " لإيجاب التتابع في الكفارة ، فأخذنا بها عملا كما لو روى خبرا
[ ص: 227 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه إنما قرأها ناقلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما لم يثبت قرآنا لفوات شرطه بقي خبرا ، فإن قيل : ينبغي أن يفعلوا كذلك في البسملة ليجب الجهر بها في الصلاة ، وحرمة قراءتها على الجنب والحائض الذي هو حكم القرآن .
قلنا : لأنا لو فعلنا ذلك لم يكن حكما بظاهر ما توجبه التسمية ، بل كان عملا بمقتضى أنها من الفاتحة ، ولا عموم للمقتضى عندنا ، وإنما لا يعمل فيما لا بد منه .