[ ص: 237 ] الموضوع له ]
الرابع : في الموضوع له ; وقد اختلف في أن
اللفظ موضوع للمعنى الذهني أو الخارجي أو لأعم منهما أو للقدر المشترك على مذاهب :
أحدها : أنه لم توضع الألفاظ للدلالة على الموجودات الخارجية بل وضعت للدلالة على المعاني الذهنية ، وبواسطة ذلك تدل على المعنى الخارجي ، وهذا كالخط فإنه يدل على اللفظ ، وبواسطة ذلك يدل على المعنى ، فإذا قلت : العالم حادث فلا يدل على كونه حادثا ، بل يدل على حكمك بحدوثه ، وهذا مذهب
الإمام فخر الدين الرازي وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي وابن الزملكاني في البرهان " ،
nindex.php?page=showalam&ids=14979والقرطبي في الوصول " ، واحتجوا عليه : أما في المفردات فلأنا لو رأينا شبحا من بعيد ظنناه رجلا فإذا قرب رأيناه شبحا ، فلما اختلفت الأسامي عند اختلاف الصور الذهنية دل على أن اللفظ لا دلالة له إلا عليها .
وأما في المركبات فلأن قولنا : قام زيد ، لا يفيد قيام زيد ، وإنما يفيد الحكم به والإخبار عنه ، ثم ننظر مطابقته للخارج أم لا ، وقد أجيب عن هذا الدليل بأن الاختلاف إنما عرض لاعتقاد أنها في الخارج كذلك ، لا لمجرد اختلافها في الذهن من غير نظر إلى الخارج ، وأيضا إنما يلزم أن يكون اللفظ مما يشخص في الخارج مجازا .
وقال
الأصفهاني : من نفى الوضع للمعنى الخارجي ، إن أراد أنها لم توضع للدلالة على الموجودات الخارجية ابتداء من غير توسط الدلالة على المعنى الذهني ، فهذا حق ، لأن اللفظ إنما يدل على وجود المعنى الخارجي بتوسط دلالته على المعنى الذهني ، وإن أراد أن الدلالة الخارجية ليست مقصودة من وضع اللفظ فباطل ، لأن المخبر إذا أخبر غيره بقوله : جاء زيد ، فإن قصده الإخبار بمجيئه في الخارج .
[ ص: 238 ]
الثاني : أن
اللفظ موضوع للمعنى الخارجي لا الذهني ، لأنه مستقر الأحكام ، وهذا ما جزم به
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع " ، ويلزم
الرازي من نفيه الوضع للخارجي أن يكون دلالة اللفظ عليها في الخارج ليست مطابقة ولا تضمنا ، ويلزمه أيضا نفي الحقائق ، لأن الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له ، وعنده إنما وضع للذهني ، ولكنه استعمل للخارجي ، ويلزم على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبي إسحاق أن لا يكون الآن شيء موضوع ، لأن الوضع زال وهو صحيح .
الثالث : أن اللفظ موضوع للمعنى من حيث هو أعم من الذهني والخارجي ، وليس لكل معنى لفظ ، بل كل معنى محتاج إلى اللفظ ، واختاره بعض المتأخرين ، ورد مذهب
الإمام إليه .
الرابع : أنه للقدر المشترك ، ونسب
القاضي شمس الدين الخوبي القول الأول
للفلاسفة : قال : وأصله الخلاف في أن الاسم عين المسمى أو غيره .