البحث الخامس في تبين
المراد بالديني والشرعي : قسمت
المعتزلة اللفظ إلى ديني وشرعي
فالأسماء الدينية ثلاثة : الإيمان والكفر والفسق ، وهي عندهم مستعملة في الشرع في غير المعنى اللغوي حقيقة ومجازا ، وغرضهم أن الشرع استعملها في غير ما استعملها الواضع اللغوي ; ولهذا أثبتوا الواسطة بين الإيمان والكفر . وأما الشرعية فهي عندهم أسماء لغوية نقلت في الشرع عن أصل وضعها إلى أحكام شرعية ، كالصلاة والحج والزكاة والصيام ، فزعموا أن هذه الأحكام إنما حدثت في الشرع ، نقلت إليها هذه الأسماء من اللغة . وما ذكرناه من تفسير الدينية صرح به
القاضي في " القريب " ،
وإمام الحرمين في " التلخيص " " والبرهان "
وابن القشيري والغزالي وغيرهم . وفي " المحصول " عن
المعتزلة : أن الشرعية تختص بأسماء الأفعال كالصلاة والزكاة ، والدينية بأسماء الفاعلين كالمؤمن والفاسق ، وقضيته :
[ ص: 24 ] أن كل ما كان من أسماء الأفعال داخل في الشرعي ، فيدخل فيه الإيمان والكفر والفسق في الشرعية ، ويخرج عن الدينية ، وأن أسماء الفاعلين كلها دينية فيدخل فيه المصلي والمزكي ، وليس كذلك ، بل هما تابعان للصلاة والزكاة فإنهما شرعيان ، والإيمان والكفر أصل للمؤمن والكافر فهما من الدينية . والصواب : أن يقال : إنها عملية ، وهي الشرعية ، أو اعتقادية وهي الدينية .