[ ص: 105 ] مسألة [ تفاوت الظنون ] وفي
تفاوت الظنون قولان نظير الخلاف السابق في تفاوت العلوم . فقيل : لا تتفاوت كما لا تتفاوت العلوم ، وإنما تتفاوت الأدلة ، والصحيح خلافه . بل الظن يقبل الأشدية والأضعفية ، وذلك معلوم بالضرورة ، فرب شك في أصل الشيء ، وشك في وصفه بعد تحقق الأصل . فالشك في الأصل والوصف يقابله احتمالان ، والشك في الوصف خاصة يقابله احتمال واحد . ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله عنه : من
شك هل طلق أم لا ؟ فشكه وسوسة فيستصحب الحل . ولو
حلف يقينا ، ثم شك هل حنث أم لا ؟ فشكه هاهنا معتبر يوجب الانكفاف والحظر ، وهل هو وجوب قضاء أو وجوب إرشاد لا إلزام من القاضي ؟ فيه خلاف للمالكية . قال
ابن المنير : فإن قلت : هل يقف أحد إذا ظن شيئا ما على قدر ذلك الظن كما يقف على أصل الظن ؟ .
قلت : لا يقف أحد على ذلك إلا تقريبا إنما الذي يتوقف عليه يقينا هو العلم ، ومثاله في المحسوسات : أن الجوهر الفرد موجود في نفس الأمر ويثبته العقل ، ولكن لا يثبته الحس ، وإن أثبت تفاوتا بين الأجرام صغرا وكبرا لكنه إثبات بالتقريب ، لا بتحقيق أعداد الجواهر بأعداد الجواهر كإنكار الظنون ، ولهذا يقول الفقهاء : لا يجوز
السلم في الأجود ، لأنه لا يوقف عليه
[ ص: 106 ] تحقيقا ، إذ ما من أجود مفروض إلا ويمكن أجود منه ، ومنهم من أجازه تنزيلا للفظ على القريب . وعلى ذلك يحمل قول العلماء : هذا الظن أعلى الظنون : يعنون من أعلى الظنون الواضحة فيه .