العلاقة الثانية :
المسببية : وهي إطلاق اسم المسبب ، على السبب كتسميتهم المرض المهلك موتا
[ ص: 70 ] لأن الله - تعالى - جعله في العباد سببا للموت ، وكقول الرجل لامرأته اعتدي واستبرئي رحمك يريد به الطلاق ; لأنهما مسببان عنه ، ومنه أمطرت السماء نباتا ، فذكر النبات وأريد به الغيث ; لأن الغيث سبب للنبات ، وعليه قوله تعالى : {
وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } واعلم أن
التجوز بلفظ السبب عن المسبب أولى من العكس ; لأن السبب المعين يستدعي مسببا معينا كالزنى بعد الإحصان ، فإنه يقتضي مسببا معينا وهو الرجم ، والمسبب المعين لا يستدعي سببا معينا ، بل سببا ما كإباحة الدم ، فإنها تقتضي سببا غير معين ، وهو إما الكفر بعد الإيمان أو الزنى بعد الإحصان ، أو قتل بغير حق ، ولا يقتضي واحدا من هذه الأمور بعينه ، وما اقتضى الشيء المعين أقوى مما يقتضي المطلق ; لأن المقتضي للمعين يقتضي المطلق وزيادة ، وهي التعيين ، فكان أولى كالضرب ، فإنه يقتضي الألم جزما بخلاف الألم ، فإنه لا يقتضي الضرب على التعيين لجواز أن يخلفه سبب آخر ، فكان فهم المسبب من اسم السبب فوق فهم السبب من اسم المسبب ، فكان أبلغ إفادة للمقصود ، وهكذا يقول : إطلاق اسم اللزوم على اللزوم أولى من العكس ، وكذا إطلاق اسم الكل على الجزء ، وقد يقال : إن إطلاق اسم السبب على المسبب أولى من إطلاق اسم الملزوم على اللازم لما بين السبب والمسبب من الاتصال والمناسبة .