[ ص: 78 ] العلاقة العاشرة [ اعتبار ما يئول إليه ] : : تسمية الشيء باعتبار ما يئول إليه ، إما بالفعل كإطلاق الخمر على العنب ، أو بالقوة كإطلاق المسكر على الخمر إن بقيت . قيل : وشرطه أن يكون آيلا بنفسه ليخرج العبد ، فإنه لا يطلق عليه حر باعتبار ما يئول إليه ، وفي " تعليق الخلاف "
لإلكيا الهراسي : إنما يسمى الشيء باعتبار ما يئول إليه إذا كان المآل مقطوعا بوجوده كالقيامة لا بد منها ، والموت لا بد من نزوله ، فيبطل تأويل الحنفية : فنكاحها باطل على أنه سيبطل ، وللولي أن يرده ويفسخه . وذكر
ابن يحيى في تعليقه " نحوه ، فقال : إذا كان المآل مقطوعا به نحو {
إنك ميت وإنهم ميتون } أو غالبا لا نادرا كتأويل الحنفية . وهاهنا تنبيهات أحدها أن منهم من اكتفى عن هذه العلاقة بالسابعة أعني بعلاقة الاستعداد وهو ظاهر تمثيل
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب والإمام في " المحصول " . والحق : تغايرهما : ; لأن المستعد للشيء قد لا يئول إليه ، بل هو مستعد له ولغيره كما أن العصير قد لا يئول إلى الخمرية ، وإن كان مستعدا لها ولغيرها .
[ ص: 79 ] الثاني : أن هذه والتي قبلها لا بد من تقييدهما ; لأن إطلاق اسم الشيء باعتبار ما كان عليه أو بما سيئول إليه تارة يقدر أن تلك الصفة لكونها كانت أو ستكون كأنها موجودة ، ويتخيل ذلك فهذه استعارة ، وهو من القسم المسمى بالمشابهة في الصفة ، وتارة لا يتخيل ذلك ، بل يطلق ذلك الاسم لكونه كان ، أو سيكون من غير تخيل هذه الصفة موجودة ، وهو مراد الأصوليين .
الثالث : أنه إذا وقع التعارض بين هذه العلاقة وبين التي قبلها أعني باعتبار ما كان ، فالأولى أولى ، لكونه وصفا بأمر محقق ; لأنه وصف بما وقع بخلاف هذه ، ولهذا اختلفوا في الأولى هل هي حقيقة ؟ واتفقوا في الثانية على أنه مجاز . وقال بعضهم : المعتبر في المجاز باعتبار ما كان حصول المعنى الحقيقي للمسمى المجازي في الزمان السابق على حالة اعتبار الحكم إلى زمان وقوع النسبة ، وفي المجاز باعتبار ما يئول حصوله في الزمان اللاحق ، ويمتنع فيهما حصوله في زمان اعتبار الحكم ، وإلا لكان المسمى من أفراد الموضوع له ، فيكون اللفظ فيه حقيقة لا مجازا ، ففي مثل : {
وآتوا اليتامى أموالهم } و {
أعصر خمرا } وضع الكلام على أن يكون حقيقة اليتم حاصلة لهم وقت إيتاء المال إياهم ، وحقيقة الخمر حاصلة له حال العصير ، فلو حصل المعنى الحقيقي في هذه الحال كما هو مقتضى وضع الكلام لم يكن اللفظ مجازا بل حقيقة ، فيجب أن يكون الحصول في زمان سابق ، ليكون مجازا باعتبار ما كان ، أو لاحق ليكون مجازا باعتبار ما يئول .
هذا بالنسبة إلى الاسم ، وأما في الفعل إذا أطلق المستقبل وأريد به الماضي أو عكسه ، فالمراد باللفظ نفس الفعل ، وبالزمان زمان ما يدل عليه الفعل بهيئته ، فإذا قلنا : يكتب مجازا عن كتب باعتبار ما كان بمعنى حصول
[ ص: 80 ] المعنى الحقيقي للمسمى أو جوهر الحروف وهو الحدث حاصل للمسمى في زمان سابق على الزمان الذي هو مدلول الفعل أعني الحال والاستقبال ، إذ لو كان حاصلا له في ذلك الزمان لكان الفعل حقيقة لا مجازا ، وإذا قلنا : كتب زيد مجازا عن يكتب باعتبار ما يئول إليه بمعنى حصول الفعل الحقيقي للمسمى أن الحدث حاصل له في زمان لاحق متأخر عن الزمان الماضي الذي يدل عليه الفعل بهيئته ، إذ لو كان حاصلا في الزمان الماضي لكان الفعل حقيقة لا مجازا ، والزمان الذي يحصل فيه المعنى الحقيقي المسمى في الصورتين مغاير للزمان الذي وضع لفظ الفعل له لحصول الحدث فيه ، وهذا فيه نظر ، فإنه ليس مدلوله المسمى المطلق عليه لفظ المجاز الذي هو لفظ الفعل ، وإنما المدلول المجازي هو الحدث المقارن بزمان سابق أو لاحق ، فالأحسن أن يقال : إن التعبير عن الماضي بالمضارع ، وعكسه من باب الاستعارة بتشبيه غير الحاصل بالحاصل في تحقيق وقوعه ، وتشبيه الماضي بالحاضر في كونه نصب العين ثم استعير لفظ أحدهما للآخر .