ومنها : أن
الحقيقة تؤكد بالمصدر وبأسماء التوكيد بخلاف المجاز ، فإنه لا يوكد بشيء من ذلك ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وتمدح بذكره ، وقال : هو من الفروق المغفول عنها .
قلت : قد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في " الملخص " قال ، فلا يقولون : أراد الجدار إرادة ولا قالت الشمس وطلعت قولا ، وكذلك ورود الكلام في الشرع ; لأنه على طريقة أهل اللغة . قال : ولهذا كان قوله تعالى : {
إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } حقيقة لا على معنى التكوين كما يقوله
المعتزلة من حيث أكده بالمصدر ، وكذلك قوله تعالى : {
وكلم الله موسى تكليما } يفيد الحقيقة ، وأنه أسمعه كلامه وكلمه بنفسه لا كلاما قام بغيره . ا هـ .
وقد سبق أن التأكيد بالمصدر إنما يرفع التجوز عن الحديث لا عن المحدث عنه ، فليس فيه حجة تكليمه بنفسه ، ولك أن تورد مثل قول الشاعر :
[ ص: 124 ] بكى الحر من روح وأنكر جلده وعجت عجيجا من جذام المطارق
ويجاب عنه بأنه قصد فيه المبالغة بإجرائه مجرى الحقيقة فأكده . وذكر بعض أئمة النحويين أنه لم يأت تأكيد المجاز إلا في هذا البيت الواحد ، وأوله على أن المعنى عجت لو كانت غافلة .
قلت : وأنشد
ابن برهان :
قرعت طنابيب الهوى يوم عالج ويوم اللوى حتى قسرت الهوى قسرا
وقال : فيه حجة على أن التأكيد بالمصدر لا يرفع المجاز .