[ ص: 194 ] ( الـ ) : تكون حرفا إذا دخلت على الجامد ، وتكون اسما إذا دخلت على المشتق فتكون بمعنى الذي كالضارب . واحتج على أنها اسم بعود الضمير عليها .
وخالف
المازني وقال : حرف بدليل تخطي العامل في قولك : مررت بالقائم ، ولو كانت اسما ، لكانت فاصلة بين حرف الجر ومعموله ، والاسم لا يتخطاه العامل ، وتعمل فيما بعده . وأما الاستدلال بعود الضمير فلا حجة فيه ; لأن
أبا علي قال : في " الإيضاح " والضمير يعود إلى ما يدل عليه الألف واللام من الذي . ثم اللام قسمان : أحدهما : أن يقصد بها تعريف معين وهو العهد ، وينقسم إلى ذكري ، وهو تقديمه في اللفظ نحو {
فأرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول } وإلى ذهني نحو {
اليوم أكملت لكم دينكم } وقوله : {
إذ هما في الغار } وقد اجتمعا في قوله تعالى : {
وليس الذكر كالأنثى } فالأولى للذهني والثانية للذكري .
والثاني : أن يقصد بها تعريف ما كان منكورا باعتبار حقيقته ، وهي على ثلاثة أقسام :
[ ص: 195 ] أحدها : أن يراد بها الحقيقة من حيث هي مع قطع النظر عن الشخص والعموم ، كقولك : الرجل خير من المرأة ، وجعل منه
ابن دقيق العيد قول
nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=55496غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد } . الثاني : أن يراد بها الحقيقة باعتبار قيامها بواحد ، وتعرف بأنها إذا نزعت لا يحسن موضعها " كل " كقوله ، تعالى : {
وجعلنا من الماء كل شيء حي } أي : جعلنا مبدأ كل حي هذا الجنس الذي هو الماء ، فهذا النوع التعريف قريب في المعنى من النكرة ، ولهذا وصف به في الجملة في قوله : ولقد أمر على اللئيم يسبني وهو يدل على حقيقة معقولة متحدة في الذهن باعتبار وضعه ، فإن دل على تعدد فهو باعتبار الوجود لا باعتبار موضوعه ، وإذا أطلق على الوجود أطلق على غير ما وضع له . ويتعين في بعض المحال إرادة الحقيقة مثل : الإنسان حيوان ناطق .
والحد للذهني لكن صحته على الوجود شرط فيه ، وهو في بعضها استعمال مجازي ، نحو أكلت الخبز وشربت الماء ، لبطلان إرادة الجنس . والثالث : أن يراد بها الحقيقة باعتبار كلية ذلك المعنى ، وتعرف بأنها إذا نزعت حسن أن يخلفها في موضعها لفظ " كل " على سبيل الحقيقة ، وصحة الاستثناء من مصحوبها مع كونه بلفظ المفرد ، كقوله تعالى : {
إن [ ص: 196 ] الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا } فإنه يصح أن يقال : إن كل إنسان وقد استثنى منه الذين آمنوا . وذكر
ابن مالك علامة ثالثة وهي جواز وصف مصحوبها بالجمع مع كونه بلفظ المفرد ، كقولهم : أهلك الناس الدينار الحمر والدرهم البيض وقوله تعالى : {
أو الطفل الذين لم يظهروا على } .
ورده شيخنا
ابن هشام بوجهين : أحدهما : أن " أل " فيهما ليست لعموم الإفراد بدليل أنه لا يصح قيام " كل " مقامها ، بل هي لتعريف الجنس من حيث هو هو أي : تعريف الماهية . والثاني : أن الطفل من الألفاظ التي تستعمل للواحد والجمع بلفظ واحد ، كجنب بدليل قوله : {
ثم يخرجكم طفلا } وليس فيه ألف ولام . قلت : ومن أمثلة هذا القسم قوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15206المسلمون تتكافأ دماؤهم } وسواء كان الشمول باعتبار الجنس كالرجل والمرأة أو باعتبار الوصف كالسارق والسارقة . وذكر
الماوردي في كتاب الأيمان عند الكلام في لا أشرب الماء : أن الألف واللام تارة تكون للجنس وتارة للعهد ، وأنها حقيقة فيهما . وظاهر كلام أهل البيان والنحو أنها حقيقة في العهد ، ولهذا يحملونها على ذلك ; لأن المعهود أقرب إلى التحقق من الجنس ، ومتى كان هناك عهد ذكرى فلا يجوز حملها على الخارجي بشخصه ، ولا على الجنس من حيث
[ ص: 197 ] هو هو ، فإنه الحقيقة إذا أريد بها شيء بعينه مجازا حمل على المبالغة والكمال فيها ، والمقام لا يقتضي ذلك . وقال صاحب " البسيط " أقوى تعريف ل " لام " الحضور ثم العهد ثم الجنس . وزعم
السكاكي أن لام التعريف تكون لتعريف العهد لا غير ، ورد الباقي إليه ، وبناه على قول بعض الأصوليين : إن اللام موضوعة لتعريف العهد لا غير .
وظهر بما ذكرناه الفرق بين لام الجنس ولام العموم . وفرق
ابن عصفور بينهما بأنها إن أحدثت في الاسم معنى الجنسية كانت للجنس ، نحو دينار ينطلق على كل دينار على سبيل البدل ، فإذا عرفته دل على الشمول بخلاف قولك : لبن ، فإنه واقع على جنس اللبن . فإذا قلت : اللبن ب " أل " عرفت الجنس ولم تصيره جنسا ، بل دخلت لتعرف الجنس ، وفيما قاله نظر . والظاهر أن " أل " فيما يتعلق في الدينار واللبن على السواء ، فإنها إن دخلت على كلي فللجنس أو على جزئي فللعهد ، أو على كل فللعموم ، ولم يقل أحد في الاسم إنه يدل على الكلي لصدقه على الآحاد على البدل . وذكر
ابن مالك من أقسامها تعريف الحضور . والصواب : أنه ليس قسيما بل هو قسم من الأول .