[
من وما ] قال
الأستاذ أبو إسحاق ، أصلهما واحد إلا أن
العرب خصت " من " بأهل التمييز أو من يصح منه ، و " ما " بمن سواهم . قال : وقد تقوم إحداهما مقام الأخرى في معناها ، ولا يصار إليها إلا بدليل كقوله تعالى : {
وما خلق الذكر والأنثى } {
والسماء وما بناها } . وقال النحويون : " ما " تقع لغير العاقل وعلى صفات من يعقل ، وقد تقع على مبهم من يعقل ، ويتفاوت ذلك بحسب ظهور الإبهام أو صفاته ، قال تعالى : {
فانكحوا ما طاب لكم } وقال : {
لا أعبد ما تعبدون } وتصور الإبهام في الآية الأولى
[ ص: 207 ] أظهر ، وإنما التحقيق في هذا على الصفة فأما قوله {
والسماء وما بناها والأرض وما طحاها } فهي واقعة على الصفة فإن لله أسماء وصفات فإذا كنيت عن الاسم فبمن ، وإذا كنيت عن الصفة فبما ، فكأن الأصل هنا : والسماء وخالقها وبانيها فأوقعت " ما " مكان الخالق والبارئ من الصفات . ولو قيل : السماء ومن بناها لقلنا كان الأصل والسماء والذي بناها فأوقع " من " في مكان اسمه - تعالى - ولا التفات لمن قال : إنها مصدرية فإنها حرف ، والحرف لا يعود عليه ضمير ، وقد عاد هنا الضمير على " ما " من قوله : بناها . ومن الثلاثي فأكثر .