لكن : مخففة النون حرف عاطف ، معناه : الاستدراك ، أي : التدرك ، وفسره المحققون برفع التوهم الناشئ من الكلام السابق مثل ما جاءني زيد لكن عمرو . إذا توهم المخاطب عدم مجيء عمر أيضا بناء على مخالطته وملابسته بينهما . وفي المفتاح " أنه يقال لمن توهم أن زيدا جاءك دون عمرو ، وبالجملة وضعها للاستدراك ومغايرة ما بعدها لما قبلها ، فإذا
[ ص: 210 ] عطف بها مفرد وهو لا يحتمل النفي فيجب أن يكون ما قبلها منفيا لتحصيل المغايرة ، وإذا عطف بها جملة فهي تحتمل الإثبات فيكون ما قبلها منفيا ، وتحتمل النفي فيكون ما قبلها مثبتا . فحصل اختلاف الكلامين سواء كان المنفي هو الأول أم الثاني . قال النحويون : وهي في عطف الجمل نظير " بل " أي : في الوقوع بعد النفي والإيجاب ، كما أنها في عطف المفردات نقيض " لا " حيث تختص " لا " بما بعد الإيجاب و " لكن " بما بعد النفي . وإنما تعطف بعد النفي نحو ما جاء زيد لكن عمرو . فإن جاءت بعد الإثبات كانت عندهم لترك قضية تامة إلى قضية أخرى تامة مخالفة للأولى كقولك : جاء زيد لكن عمرو لم يأت ، وهي في النفي بمنزلة " بل " لكن " بل " أعم منها في الاستدراك ، وموضوعها مخالفة ما قبلها لما بعدها من الإيجاب والنفي .