الثانية :
المقصود من علم العربية إنما هو النطق بالصواب ، وذلك حكم لفظي ، وما عداه من التقديرات وغيرها مما لا يقدح في اللفظ ليس هو بالمقصود فيها ، فمتى احتج محتج بشيء مسموع من
العرب لمذهبه ، فذكر فيه تأويل ، وكان ذلك التأويل مما يطرد في جملة موارد الاستعمال ، فحينئذ لا يظهر للاختلاف فائدة لفظية ; لأن اللفظ جائز الاستعمال على الصورة والهيئة المذكورة على كل تقدير ، إما من غير تأويل كما يذهب إليه المستدل ، وإما بتأويل مطرد في الموارد كما ذكر المجيب ، فلا يظهر للاختلاف فائدة في الحكم اللفظي ، وهو المقصود من علم العربية . مثاله : إذا قلنا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62387فإن في أحد جناحيه داء ، والآخر شفاء } فأوله
[ ص: 251 ] مؤول بحذف حرف الجر ، وأول قولنا : " ما كل سوداء تمرة ، ولا كل بيضاء شحمة " . بحذف المضاف ، فاللفظ على الهيئة المذكورة غير خارج عن الصواب . غاية ما في الباب أن يكون الخلاف وقع في وجه جوازه . فقائل يقول : هو على حذف المضاف وإلغاء عمله ، وهو جائز . وقائل يقول : هو على تقدير العطف على عاملين وهو جائز . فالاتفاق وقع على الجواز واختلف في علته ، وذلك لا يفيد فائدة لفظية اللهم إلا إذا بين في بعض المواضع فائدة بأن يكون الجواز صحيحا بأحد الفريقين دون الآخر ، فحينئذ تظهر الفائدة المحققة المعتبرة في علم العربية ، فانظر هذا فإنه يقع في مواضع من مباحث النحويين .