ثم قال :
وأقسام الأوامر كثيرة لا تكاد تنضبط كثرة وكلها تعرف بمخارج الكلام وسياقه وبالدلائل التي يقوم عليها ، ثم تكلم على القرائن السابقة في حمل الصيغة على ما سبق . قال : وكل ما كان من باب المعاملات والمعاوضات فالأمر فيه إرشاد وحظر وإباحة ، كالأمر بالكتابة بالبيع ، وقوله :
[ ص: 285 ] {
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } أي إن شئتم ، ولهذا قال : {
فمن تصدق به فهو كفارة له } قال : وكل ما جاز أن يستدل به على خصوص العام جاز أن يستدل به على أن الأمر ليس للوجوب . قال : وقد ترد الآية الواحدة بأمرين مختلفين لمعنيين نحو قوله : {
كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده } وقوله : {
فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة } وقوله : {
فكاتبوهم } ثم قال : {
وآتوهم } . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور البغدادي : أجمعوا على أنها متى كانت بمعنى الطلب والشفاعة ، أو التعجيز أو التهديد أو الإهانة أو التقريع أو التسليم والتحكيم لم يكن أمرا ، وأما التكوين فقد سماه أصحابنا أمرا ، كقوله تعالى : {
كن فيكون } . وأجمعوا على أنه بمعنى الإيجاب أمر ، واختلفوا في
الندب والترغيب لاختلافهم في الأمر بالنوافل ، فذهب الجمهور إلى أنه مأمور به ، وقال بعض أصحابنا : إنه غير مأمور به ، والأول : أظهر . واختلفوا فيه
بمعنى الإباحة ، فقال الجمهور : هو غير مأمور به ، وقال طائفة من
معتزلة بغداد : إنه مأمور به . انتهى . إذا علمت هذا فلا خلاف أنها ليست حقيقة في جميع هذه المعاني ; لأن أكثرها لم يفهم من صيغة " افعل " لكن بالقرينة ، وإنما الخلاف في بعضها . قال
الإمام : الخلاف في أمور خمسة منها ، وهي الأحكام الخمسة وليس كما زعم ، لما سيأتي .