اللفظ الثاني : " جميع " وما يتصرف منها كأجمع وأجمعون ، وهي مثل " كل " إذا أضيفت ، ولا تضاف إلا إلى معرفة ، وتكون لإحاطة الأجزاء ; لكن يفترقان من جهة أن دلالة " كل " على كل فرد بطريق النصوصية ، بخلاف " جميع " . وفرق الحنفية بينهما بأن " كلا " تعم الأشياء على سبيل الانفراد ، و " جميعا " تعمها على سبيل الاجتماع ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12831ابن الفارض المعتزلي في كتابه " النكت " أن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج حكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد .
قلت : وإنما نقل عنه بالنسبة إلى أجمعين في نحو قوله تعالى : {
فسجد الملائكة كلهم أجمعون } وكذا حكاه
ابن الخشاب ،
وابن إياز ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=12963ابن بابشاذ عنه خلافه .
[ ص: 95 ] والصحيح أن " أجمعين " لا يقتضي الاتحاد في الزمان ، بدليل قوله تعالى : {
لأغوينهم أجمعين } ولذلك اختلفوا في أنه إذا جمع في التأكيد بين " كل " و " أجمع " في أن التأكيد حاصل بهما معا ، أو بكل واحد منهما على حدته ، وحينئذ فما الذي أفاده الثاني ورفع توهم المجاز حصل بالأول ؟ وإن حصل بهما جميعا ، فكيف ذلك من الواحد إذا اقتصر عليه ؟ والظاهر أن المقصود زيادة التأكيد وتقويته كما في التوابع الآتية بعد " أجمع " إنما تفيد تمكينه في النفس . ومنع
ابن مالك والسهيلي جواز تثنية " أجمع " ، زاد
السهيلي : وجمعه ، لأنه في معنى " كل " وهي لا تثنى ، ولا تجمع ، لكن صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده nindex.php?page=showalam&ids=14042والجوهري بأن " أجمعين " جمع " أجمع " ، ومنع ذلك
الزوزني في شرح " المفصل " وقال : أجمعون ليس جمعا لأجمع ، وإلا لتنكر بالجمع ، كما يتنكر الزيدون ; بل هو مرتجل ، كذلك علم معناه . واستشكل بعضهم إفادة العموم من " جميع " لأنها لا تضاف إلا إلى معرفة ، تقول : جميع القوم قومك ، ولا تقول : جميع قوم ، ومع التعريف بالألف واللام أو الإضافة يكون العموم مستفادا منها لا من لفظة جميع ، وقد يقال : إن العموم مستفاد من " جميع " والألف اللام لبيان الحقيقة ، أو هو مستفاد من الألف واللام و " جميع " للتأكيد .
[ ص: 96 ] فائدة
يقال جاء القوم بأجمعهم بضم الميم ، لأن أجمع جمع جمع كعبد وأعبد ، ولا يقال بفتح الميم ; لئلا يوهم أنه " أجمع " الذي يؤكد لإضافته إلى الضمير وإدخال حرف الجر عليه ، و " أجمع " الموضوع للتأكيد لا يضاف ، ولا يدخل حرف الجر عليه . قاله
الحريري في " الدرة " لكن حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت الضم والفتح ، والأول أقيس .