الثالث والعشرون
الإضافة :
هي من مقتضيات العموم كالألف واللام . ولهذا عاقبتها ، فإن دخلت
[ ص: 146 ] على جمع أفادت العموم ، سواء كان جمع تصحيح أو جمع تكسير ، كذا قالوا ، وفي تعميم أبنية جمع التكسير الأربعة التي للقلة نظر ، كما لو قال : أعبدي أحرار ، وله عبيد كثيرون أزيد من العشرة ، وينبغي أن يأتي فيه ما سبق في الألف واللام من الخلاف ، وأما اسم الجمع فكذلك ، وأما اسم الجنس فكذاك : {
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } {
إنا رسول رب العالمين } وقوله : {
فعصوا رسول ربهم } وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62423منعت العراق درهمها ودينارها ، ومنعت الشام قفيزها وصاعها } ، ولهذا لو حلف ليشربن ماء هذا البئر ، فإنه يحنث في الحال على الأصح لأن لفظه يقتضي جميع مائه ، وذلك محال ، فكان كقوله : لأصعدن إلى السماء ، وقيل : لا يحنث ; لأن العرف حمله على التبعيض ، وهو مذهب الحنفية .
وفصل
القرافي بين أن يصدق على القليل والكثير نحو مالي صدقة فيعم ، وبين أن يصدق على الجنس بقيد الوحدة فلا يعم ، نحو عبدي حر ، وامرأتي طالق .
قال
الشيخ تقي الدين في " شرح الإلمام " : وقد أشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12671أبو عمرو بن الحاجب إشارة لطيفة يعني في مختصره الكبير " حيث ذكر صيغ العموم ، وذكر أسماء الشرط والاستفهام والموصولات والجموع المعرفة تعريف الجنس
[ ص: 147 ] وما في معناها ، واسم الجنس المعرف تعريف الجنس ، والمضاف لما يصلح للبعض والجميع ، فقوله : لما يصلح . . . إلخ يقتضي التقيد بما سبق ، وهذا التفصيل لعل
القرافي أخذه من تفصيل
الغزالي السابق في اسم الجنس إذ دخلته الألف واللام .
واعلم أن
الإمام فخر الدين في أثناء الاستدلال على أن الأمر للوجوب صرح بأن المفرد المضاف يعم ، مع اختياره بأن المعرف بأل لا يعم ، والفرق أن الإضافة أدل على العموم من الألف واللام كما ذكره في تفسيره .
ولم يقف
الهندي على نقل في ذلك . فقال في " النهاية " : وكون المفرد المضاف للعموم ، وإن لم يكن منصوصا لهم ، لكن قضية التسوية بين الإضافة ولام التعريف تقتضي العموم . والحق أن عموم الإضافة أقوى ، ولهذا لو حلف لا يشرب الماء حنث بشرب القليل ، لعدم تناهي أفراده ، ولو حلف لا يشرب ماء البحر لا يحنث إلا بكله .
وهاهنا دقيقة ، وهي أن العموم فيما ذكرنا مختلف ، فالمفرد المضاف يعم مراتب الآحاد ، وأما الجمع المضاف فهل يعم مراتب الجموع أو الآحاد ؟ على قولين مبنيين على أنه يراد به الواحد أو الجنس ، وأما المثنى المضاف كقوله تعالى : {
فأصلحوا بين أخويكم } فإن قدرت الإضافة داخلة على المثنى بعد التثنية ، كان معناها التعميم في كل فرد من الإخوة ، وإن قدرت التثنية داخلة بعد الإضافة كان معناها تثنية الجنسين المضافين ، وإن كان الجنس لا يثنى والعام لا يثنى لاستغراقه ، لكنه لما امتاز بنوع من الشقاق جاز ذلك ، وقد سبق كلام
القرافي فيه .