[ المسألة ] الثالثة :
من حق الشرط أن لا يدخل إلا على المنتظر ، لأن ما انقضى لا يصح الشرط فيه ; ولهذا كانت الأفعال الواقعة بعد أدوات الشرط مستقبلة أبدا ، سواء كان لفظها ماضيا مضارعا إلا أن تدخل الفاء ، فإن الفعل يكون على حسب لفظها ما هو ، نحو إن يقم زيد فقد أكرمته . فإن لم يكن فاء ، فالأمر على ما قلناه ; إلا في " كان " وحدها ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد نقل عنه أنها تبقى على مضيها ، فتقول : إن كان زيد قائما قمت و " كان " ماضية ، واحتج لقوله تعالى : {
إن كنت قلته فقد علمته } لأن قوله : {
وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس } قد كان
[ ص: 442 ] ومن جهة المعنى أنها مستغرقة للزمان ، ألا ترى أنها لا تخص زمانا دون غيره ، وزعم
ابن السراج أن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد احتج بالآية ، قال : وفيها نظر ، فلم يجزم ، ولم يجعل الآية قطعية في المقصود . والصحيح عدم خروجها عن سائر الأفعال ، ونزل الآية على أن " إن " دخلت على فعل محذوف مستقبل ، إما على إضمار : " يكن " أي إن يكن قلته . وإما على إضمار القول ، أي : إن أكن فيما استقبل كنت قلته ، أي موصوفا بهذا ، أو إن أقل كنت قلته .
والصحيح عند
ابن مالك وغيره أن الشرط لا يكون غير مستقبل المعنى بلفظ " كان " وغيرها إلا مؤولا . لكن ما قاله مستدرك " بلو ، ولما " الشرطيتين . فإن الفعل بعدها لا يكون إلا ماضيا .
وقال
أبو نصر بن القشيري : المشروط ينبغي أن يكون مشروطا في الاستقبال ، نقول : لا أضرب زيدا حتى يقوم عمرو ، ولا يحسن لا أضرب زيدا بالأمس حتى يقوم عمرو . فأما الشرط ، فقالوا : يجب أن يكون مرقوبا في الاستقبال . قال
القاضي : وفيه نظر إذ قد يقع الشرط كائنا في الحال غير مستقبل ، فيحسن أن تقول : إن كان زيد اليوم راكبا يركب غدا ، فيوافق وجود الشرط لفعلك ، ويتقدم على المشروط .
قال
ابن القشيري : وهذا نزاع لفظي ، لأن هذا القول لا يحسن إذ مخاطبك يعرف أن زيدا اليوم راكب ، وكذلك إن لم يعرف ، وإنما يحسن عند الجهل ، فكأنك قلت : إن كان أوضح لنا أن زيدا راكب قمت غدا ، فهذا الشرط إذن على الحقيقة مرقوب .