[ المسألة ] السادسة :
لا يشترط في الشرط أن يكون متأخرا عن [ ص: 444 ] المشروط في اللفظ ، حتى يكون كالاستثناء ; بل الأصل تقديمه ، لأنه متقدم في الوجود ، ولأنه قسم من الكلام ، فكان له الصدر كالاستفهام والتمني . ويجوز تأخره لفظا ، كقوله : أنت طالق إن دخلت الدار .
قال في " المحصول " : ولا نزاع في جواز تقديمه ، وتأخيره ، وإنما النزاع في الأولى ، ويشبه أن يكون الأحرى هو التقديم ، خلافا
للفراء قلت : قوله لا نزاع في تقديمه وتأخيره مردود ، فمذهب
البصريين أن الشرط له صدر الكلام كالاستفهام ، فلا يتقدم عليه الجواب . فإن تقدم عليه شبه بالجواب ، وليس بجواب . وجوزه
الكوفيون ، فنحو أنت طالق إن دخلت الدار ، تقديره عند
البصريين : أنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق ، ولا تقدير عند
الكوفيين ; بل هو جواب مقدم من تأخير ، ورد بأنه لو كان كذلك لما افترق المعنيان ، وهما مفترقان . ففي التقديم مبنى الكلام على الجزم ، ثم طرأ التوقف ، وفي التأخير مبنى الكلام من أوله على الشرط . وبهذا يظهر قول
الإمام : إن الأولى تقديم الشرط . وما حكاه عن
الفراء غريب . وقال
الصفي : في صحة النقل نظر وإن صح النقل فضعفه بين
وقال " شارح اللمع " : يجوز أن يتقدم الشرط في اللفظ ، كما يجوز تأخيره ، قياسا على الاستثناء على الأصح ، لأنه لا فرق بين قوله : أنت طالق إن دخلت الدار ، وبين قوله : إن دخلت الدار فأنت طالق .
قال : ومن شرطه أن يقصد إلى الشرط . فإن جاء به على جهة العادة لم يصح على المشهور . وفي الوقت الذي يعتبر فيه القصد وجهان
[ ص: 445 ] كالاستثناء .
قلت : لو
قال لزوجته : طلقي نفسك ثلاثا إن شئت ، فطلقت واحدة يقع . ولو
قال : إن شئت طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة . قال
ابن القاص : لا يقع شيء . ووافقه الأصحاب ; وكان ينبغي أن يقع واحدة لجواز تقدم الشرط وتأخره .