[ ص: 168 ] الخطاب عرفه المتقدمون بأنه الكلام المقصود منه إفهام من هو متهيئ للفهم . وعرفه قوم بأنه ما يقصد به الإفهام أعم من أن يكون من قصد إفهامه متهيئا أم لا . قيل : والأولى أن يفسر بمدلول ما يقصد به الإفهام ; لأن الكلام عند
الأشعري هو النفسي ، والنفسي لا يقصد به الإفهام ، وفيه نظر ; لأن قصد الخطاب مع النفس أو العين سواء ، وفي
وصف كلام الله في الأزل بالخطاب خلاف . الصحيح : وبه قال
الأشعري : أنه يسمى خطابا عند وجود المخاطب . قال
ابن القشيري : وهو الصحيح ، وجزم
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر بالمنع ; لأنه لا يعقل إلا من مخاطب ومخاطب . وكلامه قديم فلا يصح وصفه بالحادث ، وتابعه
الغزالي في " المستصفى " ثم قال : وهل يسمى أمرا ؟ فيه خلاف . والصحيح : أنه يسمى به ، إذ يحسن أن يقال فيمن أوصى أولاده بالتصدق بماله : فلان أمر أولاده بكذا ، وإن كان بعضهم مجتنا في البطن أو معدوما . ولا يحسن أن يقال : خاطبهم إلا إذا حضروه وسمعوه . انتهى .
[ ص: 169 ] وهذا بناه على أن المعدوم يصح تعلق الأمر به . وقال في " الاقتصاد " : والحق : أنه يطلق على الله تعالى في الأزل آمر وناه ، وإن كان لا مأمور هناك . كما جوز تسميته قادرا قبل وجود المقدور . قال : والبحث في هذه المسألة لفظي يرجع إلى اللغة من حيث جواز الإطلاق ، وأما من جهة المعنى فالاقتضاء القديم معقول ، وإن كان سابقا على وجود المأمور كما في حق الولد .