وتأخير بيان اسم النكرة إذا أريد بها شيء معين ففي جواز تأخير ذلك مذاهب : أحدها : الجواز مطلقا . قال
ابن برهان : وعليه عامة علمائنا من الفقهاء والمتكلمين ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب ،
والشيخ أبو إسحاق ،
وابن السمعاني ، وغيرهم عن
ابن سريج ،
والإصطخري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة ،
وابن خيران ،
والقفال ،
وابن القطان ،
والطبري ، والشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12604والقاضي أبي بكر ، وجزم به
الخفاف في الخصال " . ونقله القاضي في " مختصر التقريب " عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وابن سريج ،
والطبري ،
والقفال ، وعمموا القول في المجمل والعام في الأوامر والنواهي ، والوعد والوعيد ، وسائر ضروب الأخبار . ونقله
ابن القطان عن
ابن خيران ،
nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة . قال : وكان يحكى عن
أبي العباس أنه قال في مسائل المطرز : إن قلت لك : إن هذا يجوز فما تعمل ؟ وإن قلت لك : لا يجوز فما تعمل ؟ واختاره
الرازي ، وأتباعه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب ، وقال
ابن السمعاني في " القواطع " : هو الذي ننصره . قال : ونصره
عبد الجبار البغدادي في " العمد " وحكاه عن . . .
nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبي هاشم ، وفيه نظر فالذي نقله
أبو الحسين في " المعتمد " عن هؤلاء المنع مطلقا .
[ ص: 109 ] ونقله
سليم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ونقله
المازري عن
ابن مطين ،
وأبي الفرج ،
وابن خويز منداد منهم . وقال
الباجي : عليه أكثر أصحابنا
كالقاضي أبي بكر وابن خويز منداد ، وحكاه القاضي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وإليه ذهب المحققون من الشافعية ، ومنهم شيخنا القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815وأبو إسحاق الشيرازي ، ومن أدلتهم قوله تعالى : {
فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه } وثم للتعقيب مع التراخي ، فقد ضمن البيان بعد إلزام الاتباع ، وقال في قصة
نوح : {
وأهلك } وعمومه يتناول ابنه ، ولهذا سأل عن إهلاكه ، وقوله : {
إنكم وما تعبدون من دون الله } ولهذا سأل
ابن الزبعرى عن
عيسى والملائكة .
والثاني : المنع مطلقا ، ولم يجوزا أن يقع ذلك إلا والبيان معه . ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=11939القاضي أبو بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13428وابن فورك ،
والشيخ أبو إسحاق ،
وسليم ،
وابن السمعاني وغيرهم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14667وأبي بكر الصيرفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11975والقاضي أبي حامد المروزي ، ونقله
الأستاذ أبو إسحاق عن
أبي بكر الدقاق أيضا قال القاضي : وهو قول
المعتزلة ، وكثير من الحنفية ، وإليه صار
ابن داود الظاهري ، ونقله
ابن القشيري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود ، ونقله
المازري ،
والباجي عن
الأبهري منهم ، وقال
القاضي عبد الوهاب : قالت
المعتزلة والحنفية : لا بد أن يكون الخطاب متصلا بالبيان ، أو في حكم المتصل احترازا من انقطاعه كعطاس ونحوه من عطف الكلام بعضه على بعض . قال : ووافقهم بعض المالكية والشافعية .
[ ص: 110 ] واعلم أن القاضي عبر عن هذا المذهب بقوله : وأوجبوا أن لا ترد لفظة إلا ويقترن بها بيانها ، إذا لم تكن مستقلة بنفسها . ا هـ . وظاهر هذا التقييد أنهم يجوزون عند الاستقلال . وفيه نظر . واعلم أن نقل هؤلاء الجماعة المنع عن
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبي بكر الصيرفي هو المشهور ، وقال
الأستاذ أبو إسحاق في كتابه : هذا مذهب كان يذهب إليه
الصيرفي قديما ، فنزل به الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن الأشعري ضيفا ، فناظره في هذا ، واستنزله عن هذه المقالة إلى مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وسائر المتشيعة ، ولهذا نقل
إمام الحرمين مسألة اعتقاد العموم موافقة للجمهور .
قلت : وقد راجعت كتابه المسمى " بالدلائل والأعلام " وهو مجلد كبير ، فرأيته فصل القول في ذلك بين تأخير بيان المجمل فيجوز ، وتأخير تخصيص العموم ونحوه فيمتنع . وها أنا أسوق عبارته لتقف على صواب قوله . قال ما نصه : القول في الخطاب المجمل الذي لا يعقل من ظاهره مراده . قال
أبو بكر : خطاب لا يعقل من نفس اللفظ بيانه فغير لازم ، حتى يقع البيان ، كقوله : {
أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } لا سبيل إلى معرفتها من ظاهر الاسم ، وحينئذ فوقت التكليف وقت البيان ، وهذا يجوز أن يتأخر بيانه عن وقت الخطاب إلى وقت الإلزام ، ويكون فائدة الخطاب الإعلام بأنه أوجب الصلاة التي سيبينها يلزمهم عند البيان . قال : وليس هذا تأخير البيان ، لأنهم لا يعرفون ما يلزمهم ، لأنهم لا يقدرون حينئذ على اعتقاد خلاف المراد .
ثم قال : وأما الخطاب الذي تدرك حقيقته وحده من ظاهر الاسم ، فلا يحتاج إلى بيان أكثر من لفظه إلا أن يقوم دليل على إرادة بعضه أو فعله في حال دون حال ، فهذا لا يجوز أن يتأخر بيانه ، لأنه إن أخره كان الكلام مطلقا ، ومراده الشرط ، فيوجب اعتقاده عموما أو اقتضاء أمره مبادرا ، فيكون قد أمر بما يوجب ظاهره خلاف مراده ، وهو لا يجوز ، لما فيه من اللبس ، ثم ذكر الدلائل على المنع .
[ ص: 111 ] ثم قال : وزعم قوم أنه يجوز تأخير بيان بعض المنزلات عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ، كما لو أمر بقطع السارق ، فيجوز تأخير بيان الحد المقطوع إلى أن يحضر سارق يحتاج إلى قطعه ، وهذه الطائفة من الشافعيين وغيرهم . قال
أبو بكر : لا يقدر أحد منهم أن يحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نصا في شيء من كتبه ، ولا يخبر عنه أنه قال : إن البيان يجوز تأخيره بل قد حكى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني أنه لا يجوز تأخيره في مسائل ، ولا إذا بقي تأخير ، وهذا أصل من أصول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فيستدل على قوله : أنه غير قابل لما ينتقض من أصله ، فإذا لم يكن متصلا لأصل له ، ولا تصح حكايته عنه ، فيضاف إليه ، فكيف يجوز أن يجعل ذلك له .
ثم قال وجماعة من الألباء : أنه لا يجوز أن يخاطبنا بخطاب عام ، ليس في ظاهره ما يوجب التوقف ولا التراخي ولا البعض ، ويريد التراخي من الوقت ، أو بعض ما أظهر اسمه ويعريه من دليل يدل به على مراده . انتهى ملخصا . واعلم أن
الصيرفي إنما قال ذلك بناء على اعتقاده أن الصيغة العامة إذا وردت يجب اعتقاد عمومها والعمل بموجبها ، ويلزم من رجوعه عن منع التأخير فيما نقله
الأستاذ عنه رجوعه عن وجوب اعتقاد العموم ضرورة ، وما ادعاه من أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ليس له نص في ذلك ينازعه فيه قول
الشاشي في كتابه ، وقد ذكرنا من قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما يدل على الجواب في غير هذا الكتاب . وقال
ابن القطان : وقد استدل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بقوله تعالى : {
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فلما أعطى السلب للقاتل علمنا أن المراد بالآية بعضهم دون بعض . وقوله : {
ولذي القربى } فلما أعطى النبي عليه السلام
بني هاشم وبني المطلب ومنع غيرهم دل على أنه أريد بعضهم دون بعض .
[ ص: 112 ] وكذلك أيضا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي روي عن النبي عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62529أنه نهى عن المزابنة ، ثم إن قوما من الأنصار شكوا إلى النبي عليه السلام ، فرخص لهم في العرايا } ، فأطلق النهي ، ثم خصه في ثاني الحال ، وهذا هو تأخير البيان .
قال : وبه كان
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر يعني الصيرفي - يذكر أن
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني يذهب إلى أن البيان يتأخر ، حتى أخرج لنا
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في " المنثور " أن
البيان لا يجوز أن يتأخر عن وقت الحاجة ، فدل على أن
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني كان يذهب إلى ما قلنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة : جرت هذه المسألة بين
nindex.php?page=showalam&ids=12918أبي بكر وابن خيران ، فرأيت
ابن خيران فيها ضعيفا . فقلت :
لأبي بكر : مقصدنا من هذه المسألة المعنى لا الاسم فإذا حصل المعنى فسواء سميته تأخير البيان أو لم تسمه ، وذلك أنا . مثل أن يجوز أن يقول لنا : اقطعوا السارق ، ويكون المراد منه البعض ، ولا يبينه في الحال ، ويبينه في ثانيه . ولا نسميه تأخير بيان . ثم ذكر أنه عكس ذلك عليه في تأخير بيان المجمل ، وما يقع من البيان بفعل النبي عليه السلام ، والنسخ وهو أن النسخ سماه الناس بهذا الاسم . فخبرني أراد الله منا في الابتداء الصلاة إلى
بيت المقدس أبدا ثم رفعه ، أو أراد منا في الابتداء إلى زمان ؟ فإن قلت : مؤبدا ، أخلفت ، وإن قلت : مقيدا قيل لك : فأي شيء نسخ عنا ؟ فإن قلت : سمي هذا نسخا وهو في الحقيقة أمر ثان ، لأنه انكشف عنا ما لم يكن ظهر لنا . قلنا : وهذا بعينه موجود في التخصيص .
[ ص: 113 ] وهنا تنبيه آخر يتعلق بمذهب
المعتزلة ، وهو أن الجماهير أطلقوا النقل عنهم بالمنع ، وذكر بعضهم أنهم استثنوا النسخ ، وجوزوا تأخير بيانه . وبذلك صرح
أبو الحسين عنهم في " المعتمد " . ولهذا ادعى
الغزالي في " المستصفى " ،
وابن برهان في " الوجيز " ،
والسمرقندي من الحنفية في " الميزان " الاتفاق على جواز
تأخير بيان النسخ .
قال
الغزالي : بل يجب تأخيره لا سيما عند
المعتزلة ، فإن النسخ عندهم بيان لوقت العبادة ، ويجوز أن يرد لفظ يدل على تكرار الأفعال على الدوام ، ثم ينسخ ويقطع الحكم بعد حصول الاعتقاد بلزوم الفعل على الدوام ، لكن يشترط أن لا يرد نسخ .
والغزالي أخذ ذلك من قول إمامه . وقد ناقضت
المعتزلة أصولهم إذ النسخ عندهم بيان مدة التكليف ، ولم يكن هذا البيان مقترنا بمورد الخطاب الأول . قال : وليس لهم عن هذا جواب .
والإمام أخذه من
القاضي ، فإنه قال : وما استدل به أصحابنا أن قالوا : النسخ تخصيص في الزمان ، والتخصيص في الأعيان ، ثم يجوز أن ترد اللفظة مطلقة في الأزمان والمراد بعضها ، فإن لم يبعد ذلك في الأزمان لم يبعد في الأعيان . قال
القاضي : ولا يستقيم منا الاستدلال بذلك ، فإن النسخ ليس بتخصيص في الأزمان عندي وعند معظم المحققين من أصحابي ، وإنما هو رفع .
والمذهب الثالث : يجوز
تأخير بيان المجمل دون غيره ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبي بكر الصيرفي فيما سقناه ، وكذا حكاه القاضيان :
أبو الطيب وعبد الوهاب ، وحكاه
ابن الصباغ في " العدة " عن
الصيرفي nindex.php?page=showalam&ids=11975وأبي حامد المروروذي ، وكذا
أبو الحسين بن القطان ، فإنه قال : لا خلاف بين
[ ص: 114 ] أصحابنا في جواز تأخير بيان المجمل ، كقوله : {
وأقيموا الصلاة } وكذلك لا يختلفون في أن البيان في الخطاب العام يقع بفعل النبي عليه السلام ، والفعل يتأخر عن القول ، لأن بيانه بالقول أسرع منه بالفعل ، وأما العموم الذي يعقل مراده من ظاهره كقوله : {
والسارق والسارقة } فقد اختلفوا فيه ، فمنهم من لم يجوز تأخير بيانه إلى هذا كما في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبي بكر الصيرفي . ا هـ . وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ،
والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني فإنهما حكيا اتفاق أصحابنا على جواز تأخير بيان المجمل ، ثم حكى خلافهم في تأخير اللفظ الذي يوجب تخصيص العموم أو تأويل الظاهر ، ونسبه
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب nindex.php?page=showalam&ids=11975لأبي حامد المروروذي . وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي وصاحب " المعتمد " عن
nindex.php?page=showalam&ids=15071أبي الحسن الكرخي زاد صاحب " الميزان " :
والجصاص . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي : وهو عندي مذهب أصحابنا لأنهم يجعلون الزيادة على النص نسخا ، إذا تراخت عنه ، ولا يجيزونها إلا بمثل ما يجوز به النسخ . ولو جاز عندهم تأخير البيان في مثله لما كانت الزيادة نسخا ، بل بيانا ، وقد أجازوا هذه الزيادة في المجمل بالقياس وخبر الواحد ، ولهذا أسقطوا النية في الصوم ، ولم يوجب عندهم ذلك نسخه ، لأنها على وجه البيان .
وقال
السرخسي منهم : قال علماؤنا :
دليل الخصوص إذا اقترن بالعموم كان بيانا وإذا تأخر لم يكن بيانا ، بل نسخا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : بيان . وأصل الخلاف أن مطلق العام قطعي كالخاص ، وعنده فيكون دليل الخصوص بيان التفسير لا بيان التغيير . ونسبه
ابن برهان في " الوجيز "
[ ص: 115 ] وابن السمعاني لأبي الحسين البصري ، والذي في " المعتمد " تفصيل آخر ، ونقله
ابن برهان في الأوسط عن
عبد الجبار ، والذي في " المعتمد " عنه المنع فيهما .
والرابع : يجوز
تأخير بيان العموم ، لأنه قبل البيان مفهوم ، ولا يجوز تأخير بيان المجمل ، لأنه قبل البيان غير مفهوم ، وحكاه
الماوردي ،
والروياني وجها لأصحابنا . وقال
ابن السمعاني : وبه قال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ونقله
ابن برهان في " الوجيز " عن
عبد الجبار ، وأما
المازري فحكى هذا المذهب عن بعضهم ، ثم قال : وكنت أصوبه . وقد قال القاضي
عبد الوهاب في بعض مصنفاته : لم يقل به أحد ، وهذا كله مردود بما ذكرنا .
والخامس : يجوز
تأخير بيان الأوامر والنواهي ، ولا يجوز
تأخير بيان الأخبار كالوعد والوعيد . قال
ابن السمعاني : هكذا حكاه
الماوردي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي وبعض
المعتزلة ، وعندي أن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي هو ما قدمنا قبل . قال
الماوردي : ولم يقل بهذا المذهب أحد من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ا هـ . وحكاه القاضي في " مختصر التقريب " ،
وابن القشيري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815والشيخ أبو إسحاق ،
والغزالي ،
وأبو الحسين في " المعتمد " إلا أنه لم يتعرض للنهي .
والسادس : عكسه ، حكاه الشيخ
أبو إسحاق أيضا ، ونازع بعضهم في حكاية هذا وما قبله ، فإن موضوع المسألة الخطاب التكليفي ، فلا يذكر فيهما الأخبار ، وفيه نظر .
والسابع : يجوز
تأخير بيان النسخ دون غيره ، وحكاه
أبو الحسين في " المعتمد " ،
وأبو علي ، وابنه ،
وعبد الجبار .
[ ص: 116 ]
والثامن : التفصيل بين ما ليس له ظاهر كالمشترك . قال
الإمام فخر الدين : والأسماء المتواطئة جاز تأخير البيان ، لأنه لا محذور من تأخيره . وأما ما له ظاهر قد استعمل في غير ظاهره كالعام والمطلق والمنسوخ ونحوه جاز تأخير بيان التفصيل دون الإجمال ، فإنه يشترط وجوده عند الخطاب ، حتى يكون مانعا من الوقوع في الخطأ ، فنقول مثلا : المراد من هذا العام هو الخاص أو المطلق أو المقيد أو النكرة المعين ، أو هذا الحكم سينسخ ، وأما البيان التفصيلي ، وهو المشخص بكذا مثلا فليس بشرط . وقد نقل
الإمام فخر الدين وأتباعه هذا المذهب عن
أبي الحسين البصري ،
والدقاق ،
والقفال ،
وأبي إسحاق ; فأما
أبو الحسين فالنقل عنه صحيح : وأما
الدقاق فسبق النقل عنه بموافقة
المعتزلة . وأما
القفال فالظاهر أنه
الشاشي ، وقد سبق النقل عنه بموافقة الجمهور ، وقد رأيت في كتابه التصريح بذلك . قال ما لفظه : البيان للعام ، والمجمل يجوز أن يتأخر عنه ، وأن يقارنه ، وأن يتقدم من الأمور ما يستدل به على المراد مما يحتاج إلى بيانه ، وذلك كله على حسب ما يقع التعبد به . ا هـ . وأما
أبو إسحاق . فإن كان هو
المروزي كما صرح به
الإمام فقد سبق النقل عنه بموافقة
المعتزلة على المنع ، لكن حكى
القاضي عبد الوهاب عنه المذهب الثالث . وقال
الهندي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي روايتان ، وإن كان
الشيرازي فقد صحح في " شرح اللمع " الجواز مطلقا .
والتاسع : وحكاه
ابن السمعاني عن
أبي زيد أن بيان المجمل إن لم يكن تبديلا ولا تغييرا جاز مقارنا وطارئا ، وإن كان بيان تغيير جاز مقارنا ، ولا يجوز طارئا بحال ، ثم ذكر أن بيان الاستثناء بيان تغيير . قال : والخلاف الذي بيننا وبين
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في بيان الخصوص ، فعندنا هو من قبيل الاستثناء ،
[ ص: 117 ] فلا يجوز إلا مقارنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هو من قبيل بيان المجمل فيصح مقارنا وطارئا . قال : ولهذا قال علماؤنا فيمن
أوصى له بخاتم ، ولعمرو بفصه بكلام متصل : إن الفص كله لصاحب الفص ، يكون تخصيصه بيانا كالاستثناء ، ولو فصل فقال : أوصيت لهذا بفصه ، كان الفصل بين الأول
[ والثاني ] ، ولا يصير بيانا عند الفصل . قال : وأما بيان المجمل منفصلا فجائز ، ألا ترى أن أصحابنا قالوا فيمن أقر أن لفلان عليه شيئا ، يكون البيان إليه متصلا أو منفصلا .