مسألة
[
النسخ جائز عقلا وواقع شرعا ]
النسخ جائز عقلا وواقع سمعا ، خلافا
لليهود غير العيسوية ، وبعض غلاة
الروافض . ومنهم من منعه عقلا . ومنهم من جوزه عقلا ومنعه شرعا ، حكاه
أبو زيد . قال : ولذلك ذهب إليه بعض المسلمين ممن لا يعتد بخلافه ، وسماه
أبو مسلم الأصفهاني من
المعتزلة تخصيصا . فقيل : هو إنكار للوقوع ، وهو منقول
الآمدي ،
وابن الحاجب عنه . وقيل : إنما أنكر الجواز ، وهو منقول
الشيخ أبي إسحاق ،
وسليم ، والإمام
فخر الدين الرازيان ، وصرح بأن خلافه في القرآن خاصة . قال
ابن دقيق العيد : نقل عن بعض المسلمين إنكار النسخ لا بمعنى أن الحكم الثابت لا يرتفع ، بل بمعنى أنه ينتهي بنص دل على انتهائه ، فلا يكون نسخا . ا هـ . وحاصله صيرورة الخلاف لفظيا ، وبه صرح
ابن السمعاني . قال
الهندي : وليس من ضرورة القول بصحة نبوة سيدنا
[ ص: 209 ] محمد صلى الله عليه وسلم القول بصحة النسخ ، حتى يلزم من إنكاره إنكار النبوة ، وذلك لاحتمال أن يقال : إن شرع الماضين كان مغيا إلى ظهوره صلى الله عليه وسلم في اللفظ . وهنا مباحثة مع
اليهود لعنوا بما قالوا ، وهي أنهم زعموا أن التعبد في الشرائع بالعبادات لا يجوز أن يتغير قياسا على التوحيد ، فإن التعبد بالتوحيد لا يجوز تغييره إلى الكفر . فيقال لهم : أيجوز أن يتعبد بالصلاة مثلا في وقت دون وقت مع القدرة على الفعل ؟ فإن قالوا : نعم ، وهو قولهم ، لأنهم لا يقولون باستغراق الزمان بالصلاة والصوم ، فيقال لهم : أيجوز أن يتعبد بالتوحيد في وقت دون وقت مع كمال العقل والقدرة ؟ فإن قالوا : نعم ، فقد جوزوا ترك التوحيد . وإن قالوا : لا ، وهو قولهم فقد فرقوا بين التوحيد والشرائع . وحينئذ فلا امتناع في اختلاف التعبد بالشرائع في الكيفية ، والعدد ، والوقت ، والزيادة ، والنقص . .