قاعدة
إذا اجتمعت الإشارة والعبارة ، واختلف موجبهما : غلبت الإشارة . وفي ذلك فروع منها : ما لو
قال أصلي خلف زيد ، أو على زيد هذا . فبان عمرا . فالأصح : الصحة وكذا : على هذا الرجل ، فبان امرأة .
ولو قال : زوجتك فلانة هذه ، وسماها بغير اسمها : صح قطعا : وحكي فيه وجه ، ولو قال : زوجتك هذا الغلام . وأشار إلى بنته . نقل
الروياني عن الأصحاب صحة النكاح ; تعويلا على الإشارة
[ ص: 315 ] ولو
قال : زوجتك هذه العربية . فكانت عجمية . أو هذه العجوز ، فكانت شابة أو هذه البيضاء ، فكانت سوداء ، أو عكسه .
وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب ، والصفات . والعلو . والنزول ، ففي صحة النكاح قولان . والأصح : الصحة ، ولو
قال : بعتك داري هذه ، وحددها ، وغلط في حدودها . صح البيع . بخلاف ما لو قال :
بعتك الدار التي في المحلة الفلانية . وحددها ، وغلط ; لأن التعويل هناك على الإشارة .
ولو قال :
بعتك هذا الفرس . فكان بغلا ، أو عكسه فوجهان ، والأصح هنا : البطلان . قال في شرح المهذب : إنما صحح البطلان هنا ; تغليبا لاختلاف غرض المالية . وصحح الصحة في الباقي ; تغليبا للإشارة . وحينئذ فتستثنى هذه الصورة من القاعدة : ويضم إليها :
من حلف لا يكلم هذا الصبي فكلمه شيخا أو لا يأكل هذا الرطب فأكله تمرا ، أو لا يدخل هذه الدار ، فدخلها عرصة . فالأصح : أنه لا يحنث .
ولو
خالعها على هذا الثوب الكتان : فبان قطنا ، أو عكسه فالأصح : فساد الخلع ويرجع بمهر المثل ، ولو قال :
خالعتك على هذا الثوب الهروي ، أو وهو هروي . فبان خلافه . صح . ولا رد له ، بخلاف ما لو قال : على أنه هروي ، فبان مرويا . فإنه يصح ، ويملكه . وله الخيار ، فإن رده رجع إلى مهر المثل . وفي قول : قيمته ، ولو
قال : إن أعطيتني هذا الثوب - وهو هروي - فأنت طالق . فأعطته . فبان مرويا ، لم يقع الطلاق ; لأنه علقه بإعطائه ، بشرط أن يكون هرويا ، ولم يكن كذلك . فكأنه قال : إن كان هرويا .
ولو قال : إن أعطيتني هذا الهروي ، فأعطته ، فبان مرويا ، فوجهان : أحدهما : لا تطلق ، تنزيلا له على الاشتراط . كما سبق .
والثاني : تقع البينونة ; تغليبا للإشارة . قال
الرافعي : وهذا أشبه ، وصححه في أصل الروضة . ثم فرق بين قوله : وهو هروي ، في " إن أعطيتني " حيث أفاد الاشتراط ، فلم يقع الطلاق .
وفي " خالعتك " حيث لم يفده ، فلا رد له بأنه دخل في " إن أعطيتني " على كلام غير مستقل ، فيتقيد بما دخل عليه . وتمامه بالفراغ من قوله " فأنت طالق "
[ ص: 316 ] وأما قوله : خالعتك على هذا الثوب ، فكلام مستقل ، فجعل قوله بعده " وهو هروي " جملة مستقلة . فلم تتقيد بها الأولى ، ولو
قال : لا آكل من هذه البقرة ، وأشار إلى شاة حنث بأكل لحمها . ولا تخرج على الخلاف في البيع ونحوه ; لأن العقود يراعى فيها شروط وتقييدات لا تعتبر مثلها في الأيمان ، فاعتبر هنا الإشارة ، وجها واحدا .
ولو
قال : إن اشتريت هذه الشاة ، فلله علي أن أجعلها أضحية ، فاشتراها . فوجهان : أحدهما : لا يجب ; تغليبا للإشارة ، فإنه أوجب المعينة قبل الملك .
والثاني : يجب تغليبا لحكم العبارة ، فإنها عبارة نذر ، وهو متعلق بالذمة ، كما لو
قال : إن اشتريت شاة فلله علي جعلها أضحية ، فإنه نذر مضمون في الذمة . فإذا اشترى شاة لزمه جعلها أضحية .