المسألة السادسة
الملك : إما للعين والمنفعة معا ، وهو الغالب . أو للعين فقط كالعبد الموصى بمنفعته أبدا رقبته ملك للوارث . وليس له شيء من منافعه ، وعليه نفقته ومؤنته . ولا يصح بيعه لغير الموصى له ، ويصح له إعتاقه ، لا عن الكفارة ، ولا كتابته . وله وطؤها إن كانت ممن لا تحبل ، وإلا فلا . وفي كل من ذلك خلاف
وإما للمنفعة فقط ، كمنافع العبد الموصى بمنفعته أبدا ، وكالمستأجر ، والموقوف على معين . وقد يملك الانتفاع دون المنفعة كالمستعير .
والعبد الذي أوصي بمنفعته مدة حياة الموصى له .
وكالموصى بخدمته وسكناها .
فإن ذلك إباحة له ، لا تمليك وكذا
الموقوف على غير معين كالربط
والطعام المقدم للضيف وكل من ملك المنفعة ، فله الإجارة ، والإعارة . ومن ملك الانتفاع ، فليس له الإجارة قطعا ، ولا الإعارة في الأصح . ونظير ذلك
: الأمة المزوجة : إذا وطئت بشبهة ، أو إكراه ، فإن مهرها للسيد ; لأنه مالك البضع ، لا للزوج ; لأنه لم يملكه ، بل ملك الانتفاع به ، وكذا
الحرة : إذا وطئت بشبهة : مهرها لها ، لا لزوجها ، فإنه ملك الانتفاع ببعضها دونه .
[ ص: 327 ] قال
العلائي : ومن ذلك أيضا : الإقطاع " على الرأي المختار " فإن المقطع لم يملك إلا أن ينتفع ، بدليل الاسترجاع منه ، متى شاء الإمام ، فليس له الإجارة ، إلا أن يأذن له الإمام أو يستقر العرف بذلك . كما في الإقطاعات بديار
مصر . قال : وهذا هو الذي كان يفتي به شيخنا
برهان الدين ،
وكمال الدين ، وهو اختيار شيخهما
تاج الدين الفزاري . والذي أفتى به
النووي : صحة
إجارة الأقطاع ، وشبهه بالصداق قبل الدخول .
قال
العلائي : وفي ذلك نظر ; لأن الزوجة ملكت الصداق بالعقد ملكا تاما ، وإذا قبضته كان لها التصرف فيه بالبيع وغيره ، والإقطاع ليس كذلك . وقد قال
الرافعي : إن
الوصية بالمنافع إذا كانت مطلقة أو مقيدة بالتأبيد أو بمدة معينة كالسنة مثلا يكون تمليكا لها بعد الموت ، فتصح إجارتها وإعارتها ، والوصية بها وتنتقل عن الموصى له بموته إلى ورثته ، ثم قال : أما إذا قال أوصيت لك بمنافعه مدة حياتك فهو إباحة وليس بتمليك وليس له الإجارة ، وفي الإعارة وجهان .
وإذا مات الموصى له رجع الحق إلى ورثة الموصي . وهذه المسألة أشبه شيء بالإقطاع ; لأنه مقيد عرفا بحياة المقطع ، وإذا مات بطل بل هو أضعف من الوصية ; لأنه قد يسترجع منه في حياته بخلاف الوصية ا هـ .