ما ثبت في الذمة بالإعسار ، وما لا يثبت قال في شرح المهذب :
الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ثلاثة أضرب . ضرب يجب ، لا بسبب مباشرة من العبد : كزكاة الفطر ، فإذا عجز عنه وقت الوجوب : لم يثبت في ذمته ، فلو أيسر بعد ذلك ، لم يجب . وضرب : يجب بسبب من جهته ، على جهة البدل . كجزاء الصيد ، وفدية الحلق ، والطيب ، واللباس في الحج ، فإذا عجز عنه وقت وجوبه وجب في ذمته ، تغليبا لمعنى الغرامة ; لأنه إتلاف محض . وضرب : يجب بسبب مباشرة .
لا على جهة البدل ، ككفارة الجماع في رمضان ، وكفارة اليمين ، والظهار ، والقتل ، ودم التمتع ، والقران ، والنذر ، وكفارة قوله " أنت علي حرام " ففيها قولان مشهوران .
أصحهما : يثبت في الذمة ، فمتى قدر عليه : لزمه .
والثاني : لا ، وتشبيهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة ; لأن الكفارة مؤاخذة على فعله ، كجزاء الصيد ، بخلاف الفطرة . انتهى
قلت : ولو
لزمت الفدية الشيخ الهرم عن الصوم ، وكان معسرا ، ففي الروضة وأصلها : قولان في ثبوتها في ذمته ، كالكفارة .
قال في شرح المهذب : وينبغي أن يكون الأصح هنا : أنها تسقط . ولا تلزمه إذا أيسر كالفطرة لأنه عاجز حال التكليف بالفدية وليست في مقابلة جناية بخلاف الكفارة . فالأقسام على هذا أربعة . وفي الجواهر
للقمولي : لو
نذر الصدقة كل يوم بكذا . فمرت أيام وهو معسر . ثبتت في ذمته ، ولو
ماتت زوجته وهو غائب ، فجهزت من مالها . لم يثبت في ذمة الزوج . أفتى به
القاضي جلال الدين البلقيني .
[ ص: 335 ] تذنيب :
من الغريب قول
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين :
إن الطلاق يثبت في الذمة . قال
السبكي : حكيت مرة
لابن الرفعة ، فقال : عمري ما سمعت
ثبوت طلاق في الذمة . قال : ولا شك أن
ابن الرفعة سمعه ، وكتبه مرات . لكنه لغرابته ونكارته ، لم يبق على ذهنه . ويتفرع على ذلك فروع
ما يقدم على الدين ، وما يؤخر عنه قال في الروضة وأصلها في الأيمان :
إذا وفت التركة بحقوق الله ، وحقوق الآدميين قضيت جميعا .
وإن لم تف ، وتعلق بعضها بالعين ، وبعضها بالذمة : قدم المتعلق بالعين سواء اجتمع النوعان ، أو انفرد أحدهما . وإن اجتمعا ، وتعلق الجميع بالعين ، أو الذمة فهل
يقدم حق الله تعالى ، أو الآدمي ، أو يستويان ؟ فيه أقوال . أظهرها : الأول . ولا تجري هذه الأقوال في المحجور عليه بفلس ، إذا اجتمع النوعان . بل تقدم حقوق الآدمي ، وتؤخر حقوق الله تعالى ما دام حيا ا هـ .
ومن أمثلة ما تجري فيه الأقوال . اجتماع الدين مع الزكاة ، أو الفطرة ، أو الكفارة ، أو النذر ، أو جزاء الصيد ، أو الحج . كما صرح به في شرح المهذب والأصح في الكل : تقديمها على الدين ، وكذا : سراية العتق ، مع الدين . وصححا في اجتماع الجزية ، مع الدين : التسوية ; لأنها في معنى الأجرة . فالتحقت بدين الآدمي .
ومن اجتماع حقوق الله تعالى فقط الزكاة . والكفارة . والحج قال
السبكي : والوجه أن يقال : إن كان النصاب موجودا قدمت الزكاة ، وإلا فيستويان .