الكتاب الخامس في نظائر الأبواب كتاب الطهارة
المياه أقسام : طهور وهو الماء المطلق . وطاهر وهو المستعمل ، والمتغير بما يضر . ونجس : وهو المتغير بنجاسة أو الملاقي لها وهو قليل . ومكروه : وهو المشمس . وحرام : وهو مياه آبار الحجر إلا بئر الناقة
[ ص: 423 ] والمطلق أنواع مطلق اسما وحكما ، وهو الباقي على وصف خلقته وحكما لا اسما وهو المتغير بما لا يمكن صونه . وعكسه ، وهو المستعمل . إن قلنا : إنه مطلق : منع تعبدا .
ضابط :
ليس لنا ماء طاهر لا يستعمل إلا المستعمل ، والمتغير كثيرا بمخالطة طاهر مستغنى عنه . ولا ماء طهور لا يستعمل إلا البئر التي تمعطت بها فأرة وماؤها كثير ولم يتغير ، فإنه طهور . ومع ذلك يتعذر استعماله لأنه ما من دلو إلا ولا يخلو من شعرة .
ضابط :
قال
الجرجاني في المعاياة
والمرعشي وغيرهما
: لا يعرف ماء طاهر في إناء نجس إلا في صورتين : الأولى :
جلد ميتة طرح فيه ماء كثير ولم يتغير .
والثانية :
إناء فيه ماء قليل ولغ فيه كلب ، ثم كوثر حتى بلغ قلتين ولا تغير : فالماء طاهر ، والإناء نجس ; لأنه لم يسبع ، ولم يعفر .
وهذه المسألة من مهمات المسائل التي أغفلها
الشيخان فلم يتعرضا لها ، وفيها أربعة أوجه . أصحها : هذا وهو قول
ابن الحداد وصححه
السنجي في شرح الفروع .
والثاني : يطهر الإناء أيضا ، كما في نظيره من الخمر إذا تخللت ، فإن الإناء يتبعها في الطهارة .
والثالث : إن
مس الكلب الماء وحده : طهر الإناء ، وإن مس الإناء أيضا فلا . قال
ابن السبكي : وهذا يشبه الوجه المفصل في الضبة ، بين أن تلاقي فم الشارب أم لا .
والرابع : إن ترك الماء فيه ساعة طهر ، وإلا فلا . قلت : وهذا يشبه مسألة الكوز وقد بسطتها في شرح منظومتي المسماة بالخلاصة . وعبارتي فيها :
وإن يلغ في دونه فكوثرا يطهر قطعا والإنا لن يطهرا
فائدة : قال
البلقيني : ليس في الشرع اعتبار قلتين إلا في باب الطهارة وفي باب الرضاع
[ ص: 424 ] على طريقة ضعيفة إذا امتزج اللبن بالماء ، فإن امتزج بقلتين : لم يحرم وإلا حرم .
فائدة : اختلف في
كراهة المشمس في الأواني : هل هي شرعية أو طبية ؟ على وجهين . حررت المقصود منها في حواشي الروضة ويتفرع عليها فروع :
أحدها : إن قلنا طبية اشترط حرارة القطر وانطباع الإناء ، وإلا فلا .
والثاني : إن قلنا شرعية : اشترط القصد وإلا فلا .
الثالث : وإن قلنا شرعية : كره للميت وإلا فلا .
الرابع : إن قلنا طبية : كره سقي البهيمة منه وإلا فلا .
الخامس : إن قلنا شرعية : لم يشترط فيه شدة الحرارة ، وإلا اشترط .
السادس : إن قلنا طبية ، وفقد غيره : بقيت الكراهة ، وإلا فلا .
السابع : إن قلنا شرعية علل عدمها في الحياض والبرك بعسر الصون أو طبية علل بعدم خوف المحذور .
الثامن : إن قلنا طبية تعدت الكراهة إلى غير الماء من المائعات ، وإلا فلا .
ضابط :
ليس لنا ماءان يصح الوضوء بكل منهما منفردا ، ولا يصح الوضوء بهما مختلطين إلا المتغير بمخالط لا يستغني الماء عنه ، فإنه إذا صب على ما لا تغير فيه فغيره : ضر لإمكان الاحتراز عنه . نبه عليه
ابن أبي الصيف اليمني في نكت التنبيه . قال
الإسنوي : وهي مسألة غريبة ، والذي ذكره فيها متجه . قال : ولنا صورة أخرى لكنها في الجواز لا في الصحة . وهي : ما إذا كان لرجلين ماءان وأباح له كل منهما أن يتوضأ بمائه ، فإن الماء لم يخرج عن ملكها بذلك فإذا خلطهما ، فقد تعدى ; لأنه تصرف فيهما بغير الجهة المأذون فيها .