صفحة جزء
الفائدة الخامسة : بمعنى هذه القاعدة : قول الشافعي رضي الله عنه : ( إذا ضاق الأمر اتسع ) وقد أجاب بها في ثلاثة مواضع :

أحدها : فيما إذا فقدت المرأة وليها في سفر ، فولت أمرها رجلا يجوز . قال يونس بن عبد الأعلى : قلت له : كيف هذا ؟ قال : إذا ضاق الأمر اتسع .

الثاني : في أواني الخزف المعمولة بالسرجين ؟ أيجوز الوضوء منها ؟ فقال : إذ ضاق الأمر اتسع حكاه في البحر .

الثالث : حكى بعض شراح المختصر أن الشافعي ، سئل عن الذباب يجلس على غائط ثم يقع على الثوب فقال : إن كان في طيرانه ما يجف فيه رجلاه وإلا فالشيء إذا ضاق اتسع .

ولهم عكس هذه القاعدة : إذا اتسع الأمر ضاق .

قال ابن أبي هريرة في تعليقه : وضعت الأشياء في الأصول على أنها إذا ضاقت اتسعت وإذا اتسعت ضاقت .

ألا ترى أن قليل العمل في الصلاة لما اضطر إليه سومح به وكثيره لما لم يكن به حاجة لم يسامح به . وكذلك قليل البراغيث وكثيره .

وجمع الغزالي في الإحياء بين القاعدتين بقوله : كل ما تجاوز عن حده انعكس إلى ضده .

ونظير هاتين القاعدتين في التعاكس قولهم : يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء . وقولهم : يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام وسيأتي ذكر فروعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية