صفحة جزء
ويتعلق بهذه القاعدة قواعد الأولى : الضروريات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها ، ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة ، وإساغة اللقمة بالخمر ، والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه ، وكذا إتلاف المال ، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه ، ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله ، ولو عم الحرام قطرا ، بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرا فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه ، ولا يقتصر على الضرورة .

قال الإمام : ولا يرتقي إلى التبسط ، وأكل الملاذ بل يقتصر على قدر الحاجة .

قال ابن عبد السلام : وفرض المسألة : أن يتوقع معرفة صاحب المال في المستقبل .

فأما عند اليأس فالمال حينئذ للمصالح ; لأن من جملة أموال بيت المال : ما جهل مالكه .

ويجوز إتلاف شجر الكفار وبنائهم لحاجة القتال ، والظفر بهم ، وكذا الحيوان الذي يقاتلون عليه ، ونبش الميت بعد دفنه للضرورة بأن دفن بلا غسل ، أو لغير القبلة أو في أرض أو ثوب مغصوب . وغصب الخيط لخياطة جرح حيوان محترم .

وقولنا : " بشرط عدم نقصانها عنها " ليخرج ما لو كان الميت نبيا فإنه لا يحل أكله للمضطر لأن حرمته أعظم في نظر الشرع من مهجة المضطر . وما لو أكره على القتل أو الزنا ، فلا يباح واحد منهما بالإكراه لما فيهما من المفسدة التي تقابل حفظ مهجة المكره ، أو تزيد عليها . وما لو دفن بلا تكفين فلا ينبش ، فإن مفسدة هتك حرمته أشد من عدم تكفينه الذي قام الستر بالتراب مقامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية