الثانية : ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها ومن فروعه :
المضطر : لا يأكل من الميتة ، إلا قدر سد الرمق ومن
استشير في خاطب ، واكتفى بالتعريض كقوله : لا يصلح لك . لم يعدل إلى التصريح ، ويجوز
أخذ نبات الحرم لعلف البهائم . ولا يجوز أخذه لبيعه لمن يعلف .
والطعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة لأنه أبيح للضرورة ، فإذا وصل عمران الإسلام امتنع ، ومن معه بقية ردها .
ويعفى : عن محل استجماره ولو
حمل مستجمرا في الصلاة بطلت . ويعفى عن
[ ص: 85 ] الطحلب في الماء فلو أخذ ورق ، وطرح فيه وغيره ضر .
ويعفى عن
ميت لا نفس له سائلة فإن طرح ضر .
ولو
فصد أجنبي امرأة : وجب أن تستر جميع ساعدها ولا يكشف إلا ما لا بد منه للفصد .
والجبيرة يجب أن لا تستر من الصحيح إلا ما لا بد منه للاستمساك .
والمجنون لا يجوز تزويجه أكثر من واحدة لاندفاع الحاجة بها .
وإذا قلنا : يجوز
تعدد الجمعة لعسر الاجتماع في مكان واحد لم يجز إلا بقدر ما يندفع فلو اندفع بجمعتين لم يجز بالثالثة ، صرح به
الإمام وجزم به
السبكي والإسنوي .
ومن جاز له
اقتناء الكلب للصيد لم يجز له أن يقتني زيادة على القدر الذي يصطاد به ، صرح به بعضهم ، وخرجه في الخادم على هذه القاعدة .
تنبيه :
خرج عن هذا الأصل صور : منها : العرايا فإنها أبيحت للفقراء ، ثم جازت للأغنياء في الأصح .
ومنها : الخلع ، فإنه أبيح مع المرأة على سبيل الرخصة ، ثم جاز مع الأجنبي .
ومنها : اللعان جوز حيث تعسر إقامة البينة على زناها ، ثم جاز حيث يمكن على الأصح .
فائدة :
قال بعضهم : المراتب خمسة : ضرورة ، وحاجة ، ومنفعة ، وزينة ، وفضول . فالضرورة : بلوغه حدا إن لم يتناوله الممنوع هلك ، أو قارب وهذا يبيح تناول الحرام .
والحاجة : كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكله لم يهلك غير أنه يكون في جهد ومشقة . وهذا لا يبيح الحرام ، ويبيح الفطر في الصوم .
والمنفعة : كالذي يشتهي خبز البر ، ولحم الغنم ، والطعام الدسم .
والزينة : كالمشتهي الحلوى ، والسكر ، والثوب المنسوج من حرير ، وكتان . والفضول : التوسع بأكل الحرام ، والشبهة .
تذنيب
قريب من هذه القاعدة :
ما جاز لعذر بطل بزواله ، كالتيمم يبطل
بوجود الماء قبل الدخول في الصلاة .
ونظيره :
الشهادة على الشهادة لمرض ، ونحوه يبطل إذا حضر الأصل عند الحاكم قبل الحكم .