القاعدة الثانية عشرة " الخروج من الخلاف مستحب " فروعها كثيرة جدا لا تكاد تحصى : فمنها : استحباب
الدلك في الطهارة ،
واستيعاب الرأس بالمسح ،
وغسل المني بالماء ،
والترتيب في قضاء الصلوات ، وترك
صلاة الأداء خلف القضاء ، وعكسه ،
والقصر في سفر يبلغ ثلاث مراحل ، وتركه فيما دون ذلك ،
وللملاح الذي يسافر بأهله وأولاده ، وترك الجمع .
وكتابة العبد القوي الكسوب ،
ونية الإمامة .
واجتناب استقبال القبلة [ ص: 137 ] واستدبارها مع الساتر ،
وقطع المتيمم الصلاة إذا رأى الماء ; خروجا من خلاف من أوجب الجميع .
وكراهة الحيل في باب الربا .
ونكاح المحلل خروجا من خلاف من حرمه .
وكراهة صلاة المنفرد خلف الصف ، خروجا من خلاف من أبطلها .
وكذا
كراهة مفارقة الإمام بلا عذر ، والاقتداء في خلال الصلاة ; خروجا من خلاف من لم يجز ذلك .
تنبيه :
لمراعاة الخلاف شروط : أحدها : أن لا يوقع مراعاته في خلاف آخر ، ومن ثم كان فصل الوتر أفضل من وصله ، ولم يراع خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لأن من العلماء من لا يجيز الوصل .
الثاني : أن لا يخالف سنة ثابتة ; ومن ثم سن
رفع اليدين في الصلاة ، ولم يبال برأي من قال بإبطاله الصلاة من الحنفية ; لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية نحو خمسين صحابيا .
الثالث : أن يقوى مدركه ; بحيث لا يعد هفوة . ومن ثم كان الصوم في السفر أفضل لمن قوي عليه ; ولم يبال بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود : إنه لا يصح .
وقد قال
إمام الحرمين في هذه المسألة : إن المحققين لا يقيمون لخلاف أهل الظاهر وزنا .
تنبيه :
شكك بعض المحققين على قولنا بأفضلية الخروج من الخلاف فقال : الأولوية والأفضلية ، إنما تكون حيث سنة ثابتة . وإذا اختلفت الأمة على قولين : قول بالحل ; وقول بالتحريم ، واحتاط المستبرئ لدينه ، وجرى على الترك ; حذرا من ورطات الحرمة لا يكون فعله ذلك سنة ; لأن القول بأن هذا الفعل يتعلق به الثواب من غير عقاب على الترك ، لم يقل به أحد ، والأئمة كما ترى بين قائل بالإباحة ، وقائل بالتحريم . فمن أين الأفضلية ؟
وأجاب
ابن السبكي : بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة فيه ، بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين ، وهو مطلوب شرعا مطلقا ، فكان القول بأن الخروج من الخلاف أفضل ، ثابتا من حيث العموم ، واعتماده من الورع المطلوب شرعا .
[ ص: 138 ]
خاتمة :
من فروع هذه القاعدة ، في العربية : إذا دار الأمر في ضرورة الشعر ، أو التناسب ، بين قصر الممدود ومد المقصور .
فالأول أولى ; لأنه متفق على جوازه ، والثاني مختلف فيه .