وتحرير الفرق بين هاتين القاعدتين يرجع إلى تحرير اصطلاح العلماء لا لمعنى يترتب عليه وذلك أنهم يسمون خصال الكفارة واجبا مخيرا ولا يسمون تخيير المكلف بين رقاب الدنيا في إعتاق الرقبة في كفارة الظهار وغيرها واجبا مخيرا ، وكذلك التخيير بين شياه الدنيا في إخراج شاة من أربعين شاة لا يسمونه واجبا مخيرا وكذلك دينار من أربعين دينارا والسترة بثوب من ذلك واجبا والوضوء بماء من مياه الدنيا وغير ذلك لا يسمون ذلك واجبا مخيرا بل يقصرون ذلك على خصال الكفارة ونحوها ، وضابط الفرق بين القاعدتين ما تقدم من أن التخيير متى وقع بين الأجناس المختلفة فهو الذي اصطلحوا على أنه واجب مخير ومتى وقع بين أفراد جنس واحد [ ص: 12 ] لا يكون هو المسمى بالواجب المخير فالعتق والإطعام والكسوة أجناس مختلفة والغنم كلها جنس واحد وكذلك الدنانير وغيرها من النظائر فهذا هو ضابط الفرق بين البابين .
( الفرق التاسع والأربعون بين قاعدة التخيير بين الأجناس المتباينة وبين قاعدة التخيير بين أفراد الجنس الواحد ) وضابط الفرق بينهما أن التخيير متى وقع بين الأجناس المختلفة كخصال الكفارة من العتق والإطعام والكسوة فهو الذي اصطلحوا على أنه يسمى واجبا مخيرا ، ومتى وقع بين أفراد جنس واحد كتخيير المكلف بين رقاب الدنيا في إعتاق الرقبة في كفارة الظهار وغيرها وبين شياه الدنيا في إخراج شاة من أربعين شاة وبين دنانير الدنيا في إخراج دينار من أربعين دينار أو بين مياه الدنيا في الوضوء بماء منها وبين ثياب الدنيا في الاستتار بثوب من ذلك ونحو ذلك من النظائر فهو الذي اصطلحوا على أنه لا يسمى واجبا مخيرا والله سبحانه وتعالى أعلم .