( الفرق التاسع والستون بين قاعدة الواجب الكلي وبين قاعدة الكلي الواجب فيه وبه وعليه وعنده ومنه ومثله وإليه )
فهذه عشر قواعد في الكلي الذي يتعلق به الوجوب خاصة وهي عشر قواعد كلها يتعلق فيها الوجوب بالكلي دون الجزئي وهي متباينة الحقائق مختلفة المثل والأحكام فأذكر كل قاعدة على حيالها ليظهر الفرق بينهما وبين غيرها .
اعلم أن خطاب الشرع قد يتعلق بجزئي كوجوب التوجه إلى خصوص الكعبة الحرام والإيمان بالنبي المعين والتصديق بالرسالة المخصوصة كالقرآن وقد لا يعين متعلق التكليف بل يجعله دائرا بين أفراد جنس ويكون متعلق الخطاب هو القدر المشترك بين أفراد ذلك الجنس دون خصوص كل واحد من تلك الأفراد وهو المقصود في هذا الفرق وهو المنقسم إلى عشرة أجناس كما يأتي إن بيانه شاء الله عز وجل .
القاعدة الأولى : الواجب الكلي هذا هو الواجب المخير في خصال الكفارة في اليمين وحيث قيل به فالواجب هو أحد الخصال وهو مفهوم مشترك بينها لصدقه على كل واحد منهما والصادق على أشياء مشترك بينها [ ص: 68 ]
وهذا القدر المشترك هو متعلق خمسة أحكام : الحكم الأول : الوجوب فلا وجوب إلا فيه والخصوصات التي هي العتق والكسوة والإطعام متعلق التخيير من غير إيجاب والمشترك هو متعلق الوجوب ولا تخيير فيه فلم يخير الله المكلف بين فعل أحدها وبين ترك هذا المفهوم ، فإن ترك هذا المفهوم إنما هو بترك جميعها ولم يقل به أحد بل مفهوم أحدها الذي هو قدر مشترك بينهما متعين للفعل متحتم الإيقاع فالمشترك متعلق الوجوب ولا تخيير فيه والخصوصات متعلق التخيير ولا وجوب فيها فالواجب واجب من غير تخيير والمخير فيه مخير فيه من غير إيجاب الحكم الثاني المتعلق بهذا القدر المشترك الثواب على تقدير الفعل فإذا فعل الجميع أو بعضه لا يثاب ثواب الواجب إلا على القدر المشترك وما وقع معه يثاب عليه ثواب الندب أو لا يثاب عليه بحسب ما يختاره إن اختار أفضلها حصل له ثواب الندب على ذلك الخصوص .
وإن اختار أدناها إن كان بينها تفاوت أو إحداها وليس بينها تفاوت فلا ثواب في الخصوص [ ص: 69 ] أما ثواب الوجوب فلا يتعلق إلا بالمشترك خاصة فإن القاعدة أن متعلق الوجوب ومتعلق ثوابه يجب أن يتحدا أما إنه يجب شيء ويفعل ويثاب ثواب الواجب على غيره فلا الحكم الثالث العقاب على تقدير الترك يجب أن يكون على القدر المشترك الذي هو مفهوم أحدها فإذا تركه فقد ترك الجميع وتركه لا يتأتى إلا بترك الجميع فإنه إذا ترك البعض وفعل البعض فقد فعل المشترك وهو مفهوم أحدها ؛ لأنه في ضمن المعين فيستحق حينئذ العقاب على تركه إذا تركه ترك الجميع ؛ لأن متعلق الوجوب يجب أن يكون متعلق العقاب على تقدير الترك ومتعلق الثواب على تقدير الفعل [ ص: 70 ] ولا وجه لمن قال إنه إذا فعل الجميع أثيب ثواب الواجب على أكثرها ثوابا وإذا ترك الجميع عوقب على ترك أدونها عقابا فإن أكثرها ثوابا لو أثيب عليه ثواب الواجب لكان هو الواجب ولتعين الواجب ولم يكن الواجب أحدها لا بعينه فكان يبطل معنى التخيير والتقدير ثبوته .
وأما أدونها عقابا فهو قريب من قولنا إنه يعاقب على القدر المشترك ؛ لأنه لا أقل من المشترك ولكن تشخيصه في خصلة معينة له فيقال هذا أقلها عقابا له وهي متعلق العقاب على تقدير الترك يقتضي أنها هي بعينها متعلق الوجوب فيبطل معنى التخيير والتقدير ثبوته هذا خلف بل التصريح بالقدر المشترك في ذلك هو الصواب [ ص: 71 ]
الحكم الرابع المتعلق بالقدر المشترك براءة الذمة فلا تبرأ إلا بالقدر المشترك الذي هو مفهوم أحدها فإذا فعل الجميع أو شيئا معينا منها إنما تبرأ ذمته من ذلك بالقدر المشترك ؛ لأن الواجب هو سبب براءة الذمة من الواجب إذا وقع بعينه ولا تبرأ الذمة من الواجب بشيء غيره ألبتة ولذلك نقول فيمن صلى الظهر إنما برأت ذمته بالقدر المشترك بين صلاته هذه وجميع صلوات الناس وهو مفهوم الظهر من حيث هو ظهر أما خصوص هذا الظهر وهو كونه واقعا في البقعة المعينة وعلى الهيئة المعينة فلا مدخل له في براءة الذمة ؛ لأنه لم يدخل في الوجوب وكذلك من صام رمضان إنما تبرأ ذمته من صوم رمضان بما في [ ص: 72 ] صومه من القدر المشترك بين صومه هذا وبين صوم عامة الناس وهو مفهوم شهر رمضان .
أما خصوص هذا الشهر فلا مدخل له في البراءة كما أنه لا مدخل له في الوجوب فكونه صامه المكلف في البلد المعين أو وهو يأكل الغذاء المعين وغير ذلك من خصوصات ساقط عن الاعتبار في البراءة والوجوب والثواب والعقاب على تقدير الترك وكذلك جميع هذا الباب إنما المعتبر فيه القدر المشترك .
الحكم الخامس : النية فلا ينوي المكلف إيقاعه بنية الوجوب وأداء الفرض إلا القدر المشترك فهو المنوي فقط دون الخصوصات فإذا أعتق في الواجب المخير لا ينوي براءة ذمته ولا فعل الواجب بالعتق من حيث هو عتق بل لكون العتق أحد الخصال فقط ، وكذلك إذا جمع بين العتق والكسوة والإطعام لا ينوي فعل الواجب إلا بما في المجموع [ ص: 73 ] من القدر المشترك الذي هو أحد الخصال دون الخصوصيات وكذلك إذا فعل واجبا مطلقا في ضمن معين إنما ينوي ذلك المطلق الذي هو في ضمن المعين فمن صلى الظهر مثلا ينوي مفهوم صلاة الظهر الذي هو قدر مشترك بين صلاته وصلاة غيره فيه تبرأ ذمته وهو الذي يتعين عليه نيته فهذه الأحكام الخمسة هي متعلقة بالقدر المشترك دون الخصوصات وهذا هو الحق الذي يندفع به جميع الشكوك والأسئلة عن هذه المسألة .
فإن قلت القدر المشترك كلي والكلي لا يمكن دخوله في الوجود الخارجي إنما يقع الكلي في الذهن دون الخارج وجميع ما يقع في الخارج إنما هو جزئي أما الكلي فلا يوجد إلا في الذهن وما لا يقع في الخارج لا يجب فعله في الخارج وإلا لزم تكليف ما لا يطاق وإذا لم يكن متعلق الوجوب بطل كونه متعلق الثواب أو العقاب أو البراءة أو النية قلت المشتركات والكليات لا تقع في الأعيان مجردة عن المشخصات والمعينات بل ذلك إنما يوجد في الأذهان .
وأما وقوعها في ضمن المعينات فحق فمن أعتق الرقبة المعينة فقد أعتق رقبة مطلقة ومن أخرج الشاة المعينة في الزكاة فقد أخرج شاة مطلقة في ضمن تلك المعينة [ ص: 74 ] ويدل من حيث العقل على وجود المطلقات في الخارج في ضمن المعينات إن الله تعالى خلق مفهوم الإنسان بالضرورة في الخارج فهو في الخارج إما وحده فقد وجد مطلق الإنسان في الخارج وإما أن يكون في الخارج مع قيد ومتى وجد مع قيد فقد وجد ؛ لأن الموجود مع غيره موجود بالضرورة فمطلق الإنسان في الخارج بالضرورة ، وكذلك القول في جميع الأجناس التي نجزم بأن الله تعالى خلقها ومن قال بأن الله تعالى ما خلق الأجناس من الجماد والنبات والحيوان فقد خالف الضرورة وكذلك أيضا يصح أن يقال إن زيد إنسان في الخارج بالضرورة ونجد الفرق بين هذا [ ص: 75 ] الخبر وبين قولنا زيد في الخارج بالضرورة وأن الأول مفيد دون الثاني وكذلك نقول هذا السواد المعين سواد وندرك الفرق بينه وبين قولنا المعين معين ويدرك الإنسان من نفسه أنه ثبت له مفهوم الجسم ومفهوم الحيوان ومفهوم الإنسان ومفهوم الممكن ومفهوم المخلوق وجميع هذه الكليات المشتركة يجزم كل عاقل بثبوتها له بالضرورة من غير عكس فجحد كون الكليات والمشتركات موجودة في الخارج في ضمن المعينات خلاف الضرورة فهذا هو تلخيص قاعدة الكلي الواجب وبه يظهر الفرق بينه وبين ما بعده من الكليات .
حاشية ابن الشاط
[ ص: 67 ] قال ( الفرق التاسع والستون بين قاعدة الواجب الكلي وبين قاعدة الكلي الواجب فيه وبه وعليه وعنده ومنه وعنه ومثله وإليه إلى آخر قوله فاذكر كل قاعدة على حيالها ) قلت ما قاله من أن الوجوب في هذه القواعد يتعلق بالكلي لا بالجزئي إن أراد ظاهر لفظه فليس ذلك بصحيح وكيف يتعلق التكليف بالكلي وهو مما لا يدخل في الوجود العيني وإنما يدخل في الوجود الذهني والتكليف إنما يتعلق بالوجود العيني وإن أراد أن الوجوب يتعلق بالكلي أي بإيقاع ما فيه الكلي بمعنى ما هو داخل تحت الكلي من غير تعرض لتعيين ما وقع به التكليف فذلك صحيح .
قال ( اعلم أن خطاب الشرع قد يتعلق بجزئي كوجوب التوجه إلى خصوص الكعبة إلى قوله وهو المنقسم إلى عشرة أجناس كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ) قلت قوله في أثناء هذا الفصل قد لا يعين متعلق التكليف بل يجعله دائرا بين أفراد جنس يشعر بأن مراده بتعلق الوجوب بالكلي أن تعلقه به لا من حيث هو كلي بل من حيث يكون الفعل الموقع من أفراد ذلك الكلي .
قال ( القاعدة الأولى الواجب الكلي هذا هو الواجب المخير إلى قوله والصادق على أشياء مشترك بينها ) قلت قد سبق أنه يريد أن تعلق التكليف بالمشترك الكلي إنما معناه أن التكليف تعلق بإيقاع شيء مما فيه المشترك الكلي [ ص: 68 ] لا بالكلي من حيث هو كلي .
قال ( وهذا القدر المشترك هو متعلق خمسة أحكام إلى قوله فالواجب واجب من غير تخيير والمخير فيه مخير فيه من غير إيجاب ) قلت ما قاله صحيح غير قوله بل مفهوم أحدها الذي هو قدر مشترك فإنه ليس بصحيح فإن القدر المشترك عنده هو الكلي واحد الأشياء ليس هو المشترك الذي هو الكلي لتلك الأشياء بل أحد الأشياء واحد منها غير معين من الآحاد الصادق عليها ذلك المشترك وقد سبق التنبيه على مثل هذا في مواضع غير هذا .
قال ( الحكم الثاني المتعلق بهذا المشترك الثواب على تقدير الفعل فإذا فعل الجميع أو بعضه لا يثاب ثواب الواجب إلا على القدر المشترك وما وقع معه يثاب عليه ثواب الندب أو لا يثاب عليه ) قلت ما قاله من أنه لا يثاب إلا على القدر المشترك ليس بصحيح فإن الثواب إنما يكون على الفعل الذي وقع من المكلف وهذا لم يوقع القدر المشترك ولا يصح منه إيقاعه وإنما أوقع ما كلف أن يوقعه ويصح منه إيقاعه وهو فرد مما يدخل تحت المشترك وتعلق التكليف به على الإبهام ولكن الوجود عينه فإنه لا يتحقق الوجود إلا في المعين وما قاله من أن ما أوقعه مع ذلك يثاب عليه ثواب الندب أو لا يثاب عليه ليس بمسلم فإنه دعوى لم يأت عليها بحجة ولقائل أن يقول يثاب على الزائد ثواب الواجب من حيث إنه إنما يفعله استظهارا وتأكيدا لبراءة ذمته من ذلك الواجب فإن اتفق أن يفعله لغير ذلك القصد فيحتمل أن لا يثاب ؛ لأنه إن لم يفعله لذلك لم يفعله لوجه مشروع وما لم يفعل لوجه مشروع فلا دليل على ثبوت الثواب عليه .
قال ( وبحسب ما يختاره إن اختار أفضلها حصل له ثواب الندب على ذلك الخصوص وإن اختار أدناها إن كان بينها تفاوت أو إحداها وليس بينها تفاوت فلا ثواب في الخصوص ) قلت ما قاله هنا ليس بصحيح بل إنما يثاب ثواب الواجب لا ثواب الندب بعد اختيار أفضلها أو [ ص: 69 ] أدناها ولكن يكون ثواب أفضلها ثواب واجب أفضل وثواب أدناها ثواب واجب أدون ولا وجه لدخول الندب هنا وقوله فلا ثواب في الخصوص ليس بصحيح فإن الثواب إنما يكون على ما أوقع ولم يوقع إلا الخصوص .
قال ( أما ثواب الوجوب فلا يتعلق إلا بالمشترك خاصة فإن القاعدة أن متعلق الوجوب ومتعلق ثوابه يجب أن يتحدا أما أنه يجب شيء ويفعل ويثاب ثواب الواجب على غيره فلا ) قلت ما قاله هنا من أن ثواب الوجوب لا يتعلق إلا بالمشترك ليس بصحيح وقد تقدم بيان ذلك وما قاله من لزوم توارد الوجوب وثوابه على شيء متحد صحيح لكن ذلك إنما هو الفعل الذي أوقعه وليس هو القدر المشترك ولا تعلق الوجوب بالقدر المشترك بل بفرد غير معين مما فيه المعنى المشترك والإيقاع إفادة التعيين .
قال ( الحكم الثالث العقاب على تقدير الترك يجب أن يكون على القدر المشترك الذي هو مفهوم أحدها ) قلت قد تقدم مرارا أن القدر المشترك ليس مفهوم أحدها .
قال ( فإذا تركه فقد ترك الجميع وتركه لا يتأتى إلا بترك الجميع فإنه إذا ترك البعض وفعل البعض فقد فعل المشترك وهو مفهوم أحدها ؛ لأنه في ضمن المعين فيستحق حينئذ العقاب على تركه إذا تركه بترك الجميع ؛ لأن متعلق الوجوب يجب أن يكون متعلق العقاب على تقدير الترك ومتعلق الثواب على تقدير الفعل ) قلت ما قاله من أن ترك الواجب لا يتأتى إلا بترك الجميع صحيح وما قاله من أنه إذا فعل البعض فقد فعل المشترك إنما يعني فعل ما فيه المعنى المشترك لا الكلي وما قاله من أنه مفهوم أحدها فقد تقدم ما فيه وأنه إن كان يعني ما فيه المشترك أو يحويه المشترك فذلك صحيح وإلا فلا وما قاله من أنه يستحق العقاب حينئذ على تركه إذا تركه بترك الجميع صحيح وما قاله من أن متعلق الوجوب يجب أن يكون متعلق العقاب على تقدير الترك ومتعلق الثواب على تقدير الفعل ليس كما .
قال فإن متعلق الثواب في الواجب المخير فعل إحدى الخصال المخير فيها ومتعلق العقاب ترك جميعها فليس متعلق الوجوب هو بعينه متعلق الثواب ومتعلق العقاب معا من هذا الوجه إلا أن يريد أن متعلق الوجوب هو متعلق الثواب والعقاب على الجملة فلذلك وجه والله أعلم .
قال [ ص: 70 ] ولا وجه لمن قال إنه إذا فعل الجميع أثيب ثواب الواجب على أكثرها ثوابا وإذا ترك الجميع عوقب على ترك أدونها عقابا )
قلت لقائل أن يقول بل لقول قائل ذلك وجه ثبت تقديره في الشريعة من سعة باب الثواب بدليل تضعيف الحسنات وضيق العقاب بدليل عدم تضعيف السيئات فالثواب عن الأكثر ثوابا والعقاب على الأدون عقابا مناسب لتلك القاعدة .
قال ( فإن أكثرها ثوابا لو أثبت عليه ثواب الواجب لكان هو الواجب ولتعين الواجب ولم يكن الواجب أحدها لا بعينه فكان يبطل معنى التخيير والتقدير ثبوته ) قلت إن أراد بقوله ولتعين الواجب باعتبار تعلق الوجوب فذلك ممنوع وكيف يتعين باعتبار تعلق الوجوب وقد فرض غير متعين هذا ما لا يصح بوجه وإن أراد ولتعين الواجب باعتبار الوجود فذلك مسلم ولا بد منه فإن الوجود يستلزم التعيين بخلاف الوجوب فإنه لا يستلزم ذلك والسبب في ذلك أن الوجوب أمر إضافي والوجود أمر حقيقي والثواب والعقاب أمران حقيقان لا يترتبان إلا على الأمر الحقيقي فهما يستلزمان ما يترتبان عليه وتعيينه وإنما أوقع شهاب الدين في هذا الإشكال ذهاب وهمه إلى أن التعيين في الوجود يستلزم التعيين في الوجوب وليس الأمر كذلك على ما بينته آنفا .
قال ( وأما أدونها عقابا فهو قريب من قولنا إنه يعاقب على القدر المشترك ؛ لأنه لا أقل من المشترك ) قلت ما قاله من أن قول القائل إنه يعاقب على أدونها عقابا قريب من قول القائل إنه يعاقب على القدر المشترك ؛ لأنه لا أقل من المشترك ليس بصحيح ؛ لأن المشترك الذي هو الكلي لا يلحقه وصف القلة والكثرة ولا ما أشبههما من الأوصاف .
قال ( ولكن تشخيصه في خصلة معينة له فيقال هذه أقلها عقابا وهي متعلق العقاب على تقدير الترك يقتضي أنها هي بعينها متعلق الوجوب فيبطل معنى التخيير والتقدير ثبوته هذا خلف ) قلت ما قاله من أن تشخيصه خصلة يقال إنها أقلها عقابا يقتضي أنها بعينها متعلق الوجوب ليس بصحيح بل لا يقتضي تشخيصها ذلك ولا يستلزمه .
قال ( بل التصريح بالقدر المشترك في ذلك هو الصواب ) قلت ليس ما صوبه بصواب وقد سبق بيان ذلك [ ص: 71 ]
قال ( الحكم الرابع المتعلق بالقدر المشترك براءة الذمة فلا تبرأ إلا بالقدر المشترك الذي هو مفهوم أحدها ) قلت قد تقدم بيان أن القدر المشترك ليس مفهوم أحدها مرارا عديدة .
قال ( فإذا فعل الجميع أو شيئا معينا منها فلا تبرأ الذمة إلا بالقدر المشترك ) قلت لا تبرأ الذمة بالقدر المشترك ؛ لأنه لا يمكن إيقاعه ولا دخوله في الوجود العيني وإنما تبرأ الذمة بما أوقعه مما فيه المشترك أي قسط منه على ما قرره أهل هذا العلم .
قال ( لأن الواجب هو سبب البراءة من الواجب إذا وقع بعينه ولا تبرأ الذمة من الواجب بشيء غيره ألبتة ) قلت إن أراد بقوله إذا وقع بعينه إذا وقع وتعين بالوقوع فذلك صحيح وإن أراد بقوله إذا وقع بعينه إذا وقع على حسب ما تعلق به الوجوب فذلك ليس بصحيح فإنه لا يمكن وقوعه كذلك ؛ لأن تعلق الوجوب به على سبيل الإبهام وليس تعلق الوجود به على ذلك الوجه بل على التعيين .
قال ( ولذلك تقول فيمن صلى الظهر إنما برئت ذمته بالقدر المشترك بين صلاته هذه وجميع صلوات الناس وهو مفهوم الظهر من حيث هو ظهر ) قلت إن أراد ظاهر لفظه وهو أن براءة ذمة مصلي الظهر إنما تقع بصلاته وصلاة غيره فذلك واضح البطلان وذلك يستلزم أن لا تبرأ ذمة زيد حتى يصلي عمرو وغيره من سائر الناس وهذا خطأ فاحش وإن أراد أن براءة ذمة مصلي الظهر إنما تقع بالكلي من حيث هو كلي فهو خطأ أيضا وإن أراد أن براءة ذمة المصلي إنما تقع بصلاته لا من جهة خصوصها بل من جهة أن فيها معنى المشترك فذلك صحيح ولكن هذا الاحتمال بعيد من لفظه ومساق كلامه .
قال ( أما خصوص هذا الظهر وهو كونه واقعا في البقعة المعينة وعلى الهيئة المعينة فلا مدخل له في براءة الذمة ؛ لأنه لم يدخل في الوجوب ) قلت كون الصلاة واقعة في بقعة معينة وعلى هيئة معينة وإن لم يكن له مدخل في الوجوب أي لم تشترط تلك البقعة ولا تلك الهيئة في الوجوب فلم تقع براءة الذمة إلا بتلك الصلاة المقيدة بتلك القيود وذلك لتعيين الوجود لا لتعيين الوجوب .
قال ( وكذلك من صام رمضان إنما تبرأ ذمته من صوم رمضان بما في [ ص: 72 ] صومه من القدر المشترك بين صومه هذا وبين صوم عامة الناس وهو مفهوم شهر رمضان أما خصوص هذا الشهر فلا مدخل له في البراءة كما أنه لا مدخل له في الوجوب ) قلت لو اقتصر على قوله بما في صومه من القدر المشترك كان كلامه كافيا صحيحا لكنه زاد ما أفسده به وهو باقي كلامه وقوله أما خصوص هذا الشهر فلا مدخل له في البراءة كما أنه لا مدخل له في الوجوب من أشد الكلام فسادا وأوضحه بطلانا فإنه يلزم عنه أن شهر رمضان المعين من السنة المعينة لا يتعلق الوجوب بصومه وذلك باطل قطعا .
قال ( فكونه صامه المكلف في البلد المعين أو وهو يأكل الغذاء المعين وغير ذلك من خصوصات ساقط عن الاعتبار في البراءة والوجوب والثواب والعقاب على تقدير الترك وكذلك جميع هذا الباب إنما المعتبر فيه القدر المشترك ) قلت ما قاله من أن تلك الخصوصات ساقطة عن الاعتبار إن أراد أن البراءة لم تقع بالمقيد بتلك الخصوصات وكذلك الثواب والعقاب لكون الوجوب لم يتعلق بالمقيد بها فذلك غير صحيح وإن أراد أن البراءة والثواب والعقاب لم يكن كل منها مرتبا على الواجب المفعول أو المتروك مشروطا بتلك الخصوصات بل مرتب على ما عرض له من جهة ضرورة الوجود من تلك الخصوصات وإن لم يقع في تعلق الوجوب اشتراطها فذلك صحيح .
قال ( الحكم الخامس النية فلا ينوي المكلف إيقاعه بنية الوجوب وأداء الفرض إلا القدر المشترك فهو المنوي فقط دون الخصوصات ) قلت ما قاله من تعلق النية بالقدر المشترك ليس بصحيح بل يتعلق بالخصوص المعين الذي يختار إيقاعه لما فيه من المشترك أو لكونه من المشترك لا بخصوصه .
قال ( فإذا أعتق في الواجب المخير لا ينوي براءة ذمته ولا فعل الواجب بالعتق من حيث هو عتق بل لكون العتق أحد الخصال فقط ) قلت ما قاله هنا صحيح .
قال ( وكذلك إذا جمع بين العتق والكسوة والإطعام لا ينوي فهل الواجب إلا بما في المجموع [ ص: 73 ] من القدر المشترك الذي هو أحد الخصال دون الخصوصات ) قلت وما قاله هنا صحيح أيضا غير قوله الذي هو أحد الخصال فإن القدر المشترك ليس أحد الخصال .
قال ( وكذلك إذا فعل واجبا مطلقا في ضمن معين إنما ينوي ذلك المطلق الذي هو في ضمن المعين ) قلت هذا هو سبب ارتباكه واختلال أقواله في هذه المسألة وشبهها وهو اعتقاده أن المطلق هو القدر المشترك وذلك ليس بصحيح فإن القدر المشترك هو الحقيقة الكلية والمطلق هو الواحد غير المعين مما فيه الحقيقة قال ( فمن صلى الظهر مثلا ينوي مفهوم صلاة الظهر الذي هو قدر مشترك بين صلاته وصلاة غيره فبه تبرأ ذمته وهو الذي تعين عليه نيته إلى آخر قوله في هذا الحكم ) قلت إن أراد ظاهر لفظه وهو أن ينوي إيقاع المشترك من حيث هو مشترك فذلك غير صحيح وإن أراد أن ينوي إيقاع المعين لما فيه من المشترك فذلك صحيح .
قال ( فإن قلت القدر المشترك كلي والكلي لا يمكن دخوله في الوجود الخارجي إلى قوله وأما وقوعها في ضمن المعينات فحق ) قلت ما قاله هنا من أن وقوعه ضمن المعينات حق وإن أراد وقوعها كليات فليس بصحيح وإن أراد وقوع ما فيه قسط من الكلي أوما هو داخل تحت الكلي فذلك صحيح .
قال ( فمن أعتق الرقبة المعينة فقد أعتق رقبة مطلقة ومن أخرج الشاة المعينة في الزكاة فقد أخرج شاة مطلقة فمن ضمن تلك المعينة ) قلت إن أراد أنه أعتق الرقبة المطلقة من حيث هي مطلقة فذلك ليس بصحيح فإن الإطلاق هو الإبهام وهو مناقض للتعيين فكيف يجتمع النقيضان وإن أراد أنه [ ص: 74 ] أعتق الرقبة المعينة فحصل بها مقتضى التكليف بالمطلقة فذلك صحيح .
قال ( ويدل من حيث العقل على وجود المطلقات في الخارج في ضمن المعينات أن الله تعالى خلق مفهوم الإنسان بالضرورة في الخارج ) قلت قوله هذا جار على فاسد اعتقاده الذي لم يزل يرده وهو أن الكليات هي المطلقات وقد وقع التنبيه على ذلك مرارا وقوله إن الله تعالى خلق مفهوم الإنسان بالضرورة في الخارج غير صحيح عند جمهور مثبتي الكلي وصحيح عند بعضهم فإن جمهور القائلين بالكلي مطبقون على أنه لا وجود له في الخارج وقد نوع بعضهم الكلي إلى منطقي وعقلي وطبيعي وجزم بأن المنطقي لا وجود له في الخارج وأن الطبيعي له وجود في الخارج وأن العقلي مختلف فيه .
قال ( فهو في الخارج إما وحده فقد وجد مطلق الإنسان في الخارج وأما أن يكون في الخارج مع قيد ومتى وجد مع قيد فقد وجد ) قلت لا كلام أشد فسادا من هذا الكلام فإنه إن حمل قوله بأن المطلق موجود في المقيد على أنه يريد المطلق حقيقة والمقيد حقيقة فذلك بين البطلان والفساد فإنه كيف يجتمعان معا في الوجود الخارجي وهما نقيضان وإن حمل قوله ذلك على أنه يريد بالمطلق الكلي فذلك باطل أيضا فإنه كيف يجتمع الكلي بما هو كلي والجزئي بما هو جزئي معا في شيء واحد في الوجود الخارجي وهما نقيضان أيضا هذا كله كلام من لم يحصل هذه العلوم ولا أشرف على هذه المباحث بوجه أصلا .
قال ( لأن الموجود مع غيره موجود بالضرورة ) قلت ذلك صحيح لكن وجود المطلق بما هو مطلق مع المقيد ووجود الكلي بما هو كلي مع الجزئي في الوجود الخارجي ممتنع فدليله لا يتناول محل النزاع .
قال ( فمطلق الإنسان في الخارج بالضرورة ) قلت قد تبين أن دليله لم ينتج مقصوده .
قال ( وكذلك القول في جميع الأجناس التي تجزم بأن الله تعالى خلقها ومن قال بأن الله تعالى ما خلق الأجناس من الجماد والنبات والحيوان فقد خالف الضرورة )
قلت ذلك مبني على اختلاف المذاهب فمن أنكر الكليات أنكر تلك الضرورة وكذلك من أثبتها في الخارج أيضا قال ( وكذلك يصح أيضا أن يقال إن زيدا إنسان في الخارج بالضرورة ونجد الفرق بين هذا [ ص: 75 ] الخبر وبين قولنا زيد في الخارج بالضرورة وأن الأول مفيد دون الثاني ) قلت ذلك غير صحيح بل هما مفيدان لكن الأول أفاد ما ليس بمعلوم ولا صدق والثاني أفاد ما هو معلوم وصدق .
قال ( وكذلك نقول هذا السواد المعين سواد وندرك الفرق بينه وبين قولنا المعين معين ) قلت لا فرق بينهما في عدم الفائدة .
قال ( ويدرك الإنسان من نفسه أنه ثبت له مفهوم الجسم ومفهوم الحيوان ومفهوم الإنسان ومفهوم الممكن ومفهوم المخلوق وجميع هذه الكليات المشتركة يجزم كل عاقل بثبوتها له بالضرورة من غير عكس ) قلت لم يجزم كل عاقل بذلك بل من العقلاء من جزم بنفيها جملة عن الوجودين معا وزعم أن الشركة لم تقع إلا في مجرد الألفاظ لا في المعاني ومنهم من جزم بإثباتها في الأذهان وهم جمهور المثبتين ومحققوهم ومنهم من أثبتها في الأعيان وقوله من غير عكس إن أراد أن هذا العاقل الذي جزم بثبوت هذه الكليات له لم يثبت لها فذلك غير صحيح ؛ لأن الفرض خلاف ذلك فإنه قد فرض ثابتا وإن أراد أنه لا يلزم ثبوت كل جزئي في الإمكان لكل كلي ويكون ثبوته في الخارج أي لا يلزم حصول جميع الممكنات في الوجود فذلك صحيح .
قال ( فجحد كون الكليات والمشتركات موجودة في الخارج في ضمن المعينات خلاف الضرورة إلى آخر كلامه في هذه القاعدة ) قلت قد تبين ما في ذلك من الخلاف وتبين على قول الجمهور بإثبات الكليات في الأذهان أن وجودها في الجزئيات ليس على أنها على حقيقتها من كونها كلية بل على أن في الجزئيات قسطا من الكليات يختص كل جزئي بقسط لا يصح أن يختص به جزئي سواه .
حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق التاسع والستون بين قاعدة الواجب الكلي وبين قاعدة الكلي الواجب فيه وبه وعليه وعنده ومنه وعنه ومثله وإليه )
أحدهما : جزئي معين كوجوب التوجه إلى خصوص الكعبة الحرام والإيمان بالنبي المعين والتصديق بالرسالة المخصوصة كالقرآن .
وثانيهما : جزئي غير معين من الجزئيات الداخلة تحت المشترك الكلي فيتعلق حينئذ الخطاب بالكلي لكن لا من حيث إنه كلي ضرورة أن التكليف إنما يتعلق بالوجود العيني والكلي لا يدخل في الوجود العيني وإنما يدخل في الوجود الذهني بل من حيث إن الفعل الموقع من أفراد ذلك الكلي وهذا النوع هو المقصود في هذا الفرق وهو المنقسم إلى عشرة أجناس متباينة الحقائق مختلفة المثل والأحكام يذكر كل جنس منها قاعدة على حيالها ليظهر الفرق بينها وبين غيرها .
( القاعدة الأولى ) الواجب الكلي هو الواجب المخير في خصال الكفارة في اليمين المتعلق بالكلي المشترك بينها من حيث صدقه بواحد منها غير معين الذي هو متعلق خمسة أحكام .
الحكم الأول : الوجوب فلا وجوب إلا في ذلك الواحد المبهم منها فمفهوم أحدها [ ص: 87 ] متعين للفعل متحتم الإيقاع لا تخيير فيه وإنما متعلق التخيير الخصوصيات التي هي العتق والكسوة والإطعام فكل واحد منها بخصوصه لا إيجاب فيه نعم لما كان وجود متعلق الوجوب الذي هو الواحد المبهم لا يتحقق إلا في معين كان تعلق التكليف به لكن على الإبهام لا على التعيين الذي اقتضاه تحقق الوجود فلم يكن التعيين الزائد الذي هو متعلق التخيير واجبا فافهم .
الحكم الثاني : ثواب الواجب فلا يتعلق إلا بفعل واحد مبهم مما يدخل تحت المشترك الكلي لكن لما كان لا يتحقق وجوده إلا في المعين كان ثواب الواجب متعلقا بفعل المعين على الإبهام لا على تعيينه الذي اقتضاه تحقق الوجود لكونه زائدا على الإبهام الذي هو متعلق الوجوب وثوابه . نعم لقائل أن يقول : يثاب على التعيين الزائد ثواب الواجب من حيث إنه إنما يفعله استظهارا وتأكيدا لبراءة ذمته من ذلك الواجب حتى إنه إذا اختار أفضل الخصال أثيب ثواب واجب أفضل أو أدناها أثيب ثواب واجب أدون ، فإن اتفق أن يفعله لغير ذلك القصد فيحتمل أن لا يثاب ؛ لأنه إن لم يفعله لذلك لم يفعله لوجه مشروع فلا دليل على ثبوت الثواب عليه فافهم .
الحكم الثالث : العقاب على تقدير ترك ذلك الواجب الذي هو فعل واحد مبهم مما يدخل تحت المشترك الكلي لا يتأتى إلا بترك الجميع إذ بفعل البعض يتحقق متعلق الوجوب وثوابه الذي هو الواحد المبهم في ضمن المعين ، فإذا ترك الجميع عوقب على ترك أدونها عقابا بخلاف ما إذا فعل الجميع فإنه يثاب ثواب الواجب على أكثرها ثوابا نظرا لقاعدة سعة الثواب بدليل تضعيف الحسنات وقاعدة ضيق باب العقاب بدليل عدم تضعيف السيئات فالثواب على الأكثر ثوابا والعقاب على الأدون عقابا هو المناسب لقاعدتيهما المذكورتين فافهم .
الحكم الرابع : براءة الذمة من الواجب الذي متعلقه واحد مبهم مما يدخل تحت المشترك الكلي فإنما تحصل بما أوقعه مما فيه المشترك سواء كان الموقع جميع الخصال أو شيئا منها من حيث إن الواحد المبهم الذي هو متعلق الوجوب متحقق به لا من حيث تعينه ؛ إذ لا مدخل للمعين في براءة الذمة من الواجب إلا من حيث إن به تعيين وجود الواجب لا من حيث إن به تعيين الوجوب فافهم .
الحكم الخامس النية فإنما تتعلق بما يختار إيقاعه من حيث إن به [ ص: 88 ] يحصل مقتضى التكليف بالمطلق الذي هو الواحد المبهم لا من حيث خصوصه فإذا أعتق في الواجب المخير لا ينوي براءة ذمته ولا فعل الواجب بالعتق من حيث هو عتق بل من حيث إن العتق أحد خصال كفارة اليمين فقط وإذا جمع بين العتق والكسوة والإطعام لا ينوي بالمجموع براءة الذمة ولا فعل الواجب إلا من حيث إن في المجموع أحد الخصال لا من حيث الخصوصيات وبالجملة فهذه الأحكام إنما تتعلق بالمطلق الذي هو واحد مبهم من خصال كفارة اليمين لا نفس المشترك الكلي كما قيل لكن لما كان الإطلاق عبارة عن الإبهام والإبهام لا يتأتى تحققه في الخارج بل إنما يتأتى فيه عتق رقبة معينة أو إطعام طعام معين أو إعطاء كسوة معينة كان حصول الواجب والثواب عليه وبراءة الذمة منه بنية فعل ذلك الخاص من حيث حصول مقتضى التكليف بالمطلقة به لا من حيث تحقق الإطلاق الذي هو متعلق الأحكام المذكورة فيه كما قيل .
إذ كيف يجتمع الإبهام والتعيين فيه وهما نقيضان ؟ وليست المطلقات هي الكليات حتى يقال إن المناطقة قد نوعوا الكلي إلى منطقي وعقلي وطبيعي وقالوا المنطقي هو مفهوم الكلي أعني ما لا يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه والطبيعي هو معروضه كمفهوم الإنسان أي حيوان ناطق والعقلي عبارة عن المركب من هذين المفهومين واتفق المتقدمون والمتأخرون منهم على أن الماهية مع اتصافها بالكلية واعتبار عروضها لها لا وجود لها في الخارج ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا إذ لا دليل على وجودها فيه بل بديهية العقل حاكمة بأن الكلية تنافي الوجود الخارجي ا هـ .
واختلفوا هل يوجد الكلي الطبيعي خارجا بوجود أشخاصه حيث كان من غير ممتنع الوجود في الخارج كشريك الباري ومن غير المعدوم الممكن كالعنقاء أو هو من الأمور الانتزاعية وتحققه في الفرد بالذهن فقط والثاني للمتأخرين والأول للمتقدمين وهو الحق ضرورة أن حقيقة الإنسان مثلا حال اقتران العوارض التي هي خارجة عنها موجودة في الخارج فتكون تلك الحقيقة من حيث هي هي وذاتياتها التي هي متحدة معها موجودة في الخارج وذلك أن الحقيقة لا بشرط شيء ليست معينة في حد ذاتها ؛ لأن تعينها ليس عينها ولا جزأها بل يمكن أن نلاحظها بشرط لا شيء فتعرض [ ص: 89 ] لها الكلية ويكون كليا طبيعيا ويمكن أن تلاحظها بشرط شيء فتعرض لها الجزئية ويكون فردا وحصة فالماهية مع قطع النظر عن الأعراض المخصوصة موجودة وليست بمحسوسة انظر رسالتي السوانح الجازمة في التعاريف اللازمة على أن الإطلاق نظير الكلية في كون بديهية العقل حاكمة بمنافاتها للوجود الخارجي فافهم .