القاعدة العاشرة الواجب إليه وله مثل في الشريعة أحدها غروب الشمس في [ ص: 82 ] الصوم يجب الصوم إليه والمعتبر من ذلك جنس الغروب من كل يوم أما كونه غروب الشمس من يوم الجمعة أو غيرها فساقط عن الاعتبار في نظر الشرع بل متى تحقق الغروب في أي يوم كأن سقط وجوب الصوم في نظر الشرع وانتقل المكلف إلى تحريم الصوم لوجود مفهوم الغروب في أي يوم كان ولا عبرة بخصوص الأيام فهذا جنس عام كلي يجب الفعل إليه وهو ملابسة ضد الأكل والجماع .
وثانيها : هلال شوال يجب تتابع الصوم في الأيام إليه كما يجب إيصال الصوم في كل يوم إلى غروب الشمس فمتعلق الحكم هو كونه هلال شوال أما كونه هذا الهلال أو ذلك أو كونه من سنة ستين أو من سنة سبعين فلا عبرة به في هذا الحكم بل مطلق هلال شوال كيف كان من أي سنة كان .
وثالثها : أواخر العدة والاستبراء والإحداد في عدة الوفاة يجب إيصال العدة والاستبراء إلى تلك الغايات ، وكذلك الإحداد مع قطع النظر عن كون تلك الغاية من سنة معينة بل متعلق الحكم كونه كمال ثلاثة أشهر في عدة الطلاق أو أربعة أشهر وعشرا في عدة الوفاة هذا هو المعتبر وما عداه لغو في هذا الحكم فهذه أجناس عشرة اشتركت كلها في تعلق الوجوب بمعنى كلي واختص كل واحد منها بخصوص كما تقدم ككونه فيه وبه وعنه ومنه وإليه وعليه وعنده وبه نجيب عن قول القائل إذا كان الحكم في الأبواب كلها متعلقا بالقدر المشترك فليكن الكل واجبا مخيرا فلم اختلفت الأسماء ؟ فنجيب أن هذا القدر العام الذي هو تعلق بالقدر المشترك قد حصل تحته أيضا أجناس كلية مشتركة بين أفرادها ولكل جنس من هذه الأجناس خصوص عام مشترك فيه بين أفراد ذلك الجنس ، والأصل إذا اختلفت الحقائق الكلية أو الجزئية أن تختلف الأسماء لغة واصطلاحا حتى تحصل فائدة التعبير عن خصوص كل حقيقة كانت جنسا أو شخصا فهذا تقرير هذا الفرق بين قواعده العشرة .
حاشية ابن حسين المكي المالكي
القاعدة العاشرة الواجب إليه له ثلاثة أمثلة في الشريعة : أحدها : غروب الشمس في الصوم يجب الصوم إلى فرد غير معين من أفراد الغروب من كل يوم فمتى تحقق الغروب في أي يوم كان سقط وجوب الصوم في نظر الشرع وانتقل المكلف إلى تحريم الصوم لوجود مفهوم الغروب في أي يوم كان ولا عبرة بخصوص الأيام في الغروب ككونه غروب شمس يوم الجمعة أو غيرها فهو ساقط الاعتبار في نظر الشرع .
وثانيها : مطلق هلال شوال [ ص: 96 ] كيف كان يجب تتابع الصوم في أيام رمضان إليه كما يجب إيصال الصوم في كل يوم إلى غروب الشمس ولا دخل للحكم في كونه خصوص هذا الهلال أو ذلك أو كونه من سنة ستين أو من سنة تسعين فلا عبرة به في هذا الحكم .
وثالثها : مطلق غايات العدة والاستبراء والإحداد الموصوف بالصفة العامة ككونه كمال ثلاثة أشهر في عدة الطلاق أو كمال أربعة أشهر وعشر في عدة الوفاة هو المتعلق المعتبر في الشريعة لوجوب إيصال العدة والاستبراء والإحداد إليه مع قطع النظر عن كون تلك الغاية من سنة معينة فهذه أجناس عشرة تشترك كلها في تعلق الوجوب بفرد غير معين مما فيه المعنى الكلي المشترك ويختص كل واحد منها بخصوص ككونه فيه وبه وعنه ومنه وعليه وعنده وإليه كما تقدم وبهذا الاختصاص نجيب عن قول القائل : إذا كان الحكم في أبواب هذه الأجناس العشرة كلها متعلقا بفرد غير معين مما فيه المعنى المشترك فليكن الكل واجبا مخيرا فلم اختلفت الأسماء ؟ فنقول : إن هذا القدر العام الذي هو التعلق بفرد غير معين مما فيه المعنى المشترك قد حصل تحته أيضا أجناس كلية مشتركة بين أفراد ذلك الجنس والأصل اختلاف الأسماء لغة واصطلاحا إذا اختلفت الحقائق الكلية أو الجزئية لتحصل فائدة التعبير عن خصوص كل حقيقة كانت جنسا أو شخصا فهذا تقرير هذا الفرق بين قواعده العشرة والله سبحانه وتعالى أعلم .